نحاول هنا إثارة بعض الكلمات التي وردت عن الإمام العسكري عليهالسلام في شؤون العقيدة والكلام ، وما يتصل بذلك من التمهيد لغيبة ولده الحجة المهدي عليهالسلام ، وملاحظة بعض الأفكار المنحرفة لردّها وتفنيدها ، وكما يلي :
ففي باب التوحيد لم يدع الإمام عليهالسلام مناسبة دون أن يوجه أصحابه إلى التوحيد الخالص والتحذير من رواسب الشرك مهما دقّت وصغرت ، ومن ذلك ما رواه أبو هاشم الجعفري قال : « سمعت أبا محمد عليهالسلام يقول : من الذنوب التي لا تغفر قول الرجل : ليتني لا اؤاخذ إلا بهذا ، فقلت في نفسى : إن هذا لهو الدقيق ، ينبغي للرجل أن يتفقّد من أمره ومن نفسه كلّ شيء ».
فكأنّ الإمام عليهالسلام عرف ما في نفسه ، وهناك أحاديث كثيرة عنه وعن آبائه عليهمالسلام تذكر أنّ بعض الناس كان يسمع الجواب من الإمام وهو يفكرّ ، أي لم يطرح السؤال بعد ، حيث إنّ الملكة القدسية تجعله عليهالسلام يعرف ما يضمرون من قبل ان يتحدّثوا به. فقال عليهالسلام : « يا أبا هاشم ، صدقت فالزم ما حدّثت به نفسك ، فإنّ الاشراك في الناس أخفى من دبيب الذرّ على الصفا في الليلة المظلمة ، ومن دبيب الذرّ على المسح الأسود » (١).
وكان الجدل يدور في صفات الله تعالى منذ عهد الإمام الباقر عليهالسلام حتى عهد الإمام العسكري عليهالسلام ، ولعلّ أبرز المسائل التي كانت مدار البحث والجدل هي
__________________
(١) الغيبة / الشيخ الطوسي : ٢٠٧ / ١٧٦ ، الثاقب في المناقب : ٥٦٧ / ٥٠٩ ، إثبات الوصية : ٢٤٩ ، الخرائج والجرائح ٢ : ٦٨٨ / ١١.