فتركني ومضى » (١).
ويبدو من بعض الأخبار أن الإمام العسكري عليهالسلام كان لا يترحّم على الغلاة ولو كانوا من الوالدين ، وذلك لكي يؤدّب أصحابه للوقوف بشدة ضدّ هذه النزعة الهدامة ، فقد نقل الحميري في الدلائل عن أبي سهل البلخي ، قال : « كتب رجل إلى أبي محمد يسأله الدعاء لوالديه ، وكانت الاُمّ غالية ، والأب مؤمناً ، فوقّع عليهالسلام : رحم الله والدك » (٢).
ومن هؤلاء أيضاً الواقفة ، وهم الذين وقفوا على الإمام الكاظم عليهالسلام بسبب بعض النوازع المادية ، حيث تجمعت لديهم أموال طائلة من الحقوق المالية في وقتٍ كان فيه الإمام عليهالسلام في سجن الرشيد ، فطمعوا فيها وادعوا بعد شهادة الإمام عليهالسلام أنه حيّ لم يمت ، واصبح الوقف تياراً فكرياً يتبناه بعض من لم تترسخ لديه مبادئ العقيدة الحقة ، فيقف عند بعض الأئمة عليهمالسلام. وقد صرح الإمام العسكري عليهالسلام بالبراءة منهم ، ودعا أصحابه إلى أن لا يعودوا مرضاهم ولا يشهدوا جنائزهم ولا يصلوا عليهم.
ومنه ما رواه الإربلي والقطب الراوندي بالاسناد عن أحمد بن محمد بن مطهر ، قال : « كتب بعض أصحابنا إلى أبي محمد عليهالسلام من أهل الجبل ، يسأله عمّن وقف على أبي الحسن موسى عليهالسلام أتولاهم أم أتبرا منهم ؟ فكتب عليهالسلام : أتترحّم على عمّك ؟ لا رحم الله عمك. وتبرّأ منه ، أنا إلى الله منهم بريء ، فلا تتولاهم ، ولا تعد مرضاهم ، ولا تشهد جنائزهم ، ولا تصلّ على أحدٍ منهم
__________________
(١) المناقب / لابن شهر آشوب ٤ : ٤٦١.
(٢) كشف الغمة ٣ : ٣٠٦ ، بحار الأنوار ٥٠ : ٢٩٤ / ٦٩.