العباس القبله (١).
وتعرض آل أبي طالب بشكل عام والعلويون بشكل خاص لصنوف الأذى والقسوة في زمان المتوكل ، فتفرق رجالهم في النواحي ، واختفى بعض كبارهم ، وتعرض بعضهم للمطاردة والابعاد أو الاعتقال ، أو التصفية الجسدية بدسّ السمّ وهم سجناء ، وأُجْبِرَ آخرون على ارتداء السواد الذي يمثّل شعار الدولة العباسية.
وممن قُتِل في زمان المتوكل القاسم بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي ، وكان رجلاً فاضلاً ، وقد حمله عمر بن الفرج الرخّجي إلى سرّ من رأى ، فأمروه بلبس السواد فامتنع ، فلم يزالوا به حتى لبس شيئاً يشبه السواد فرضي منه بذلك.
وروى أبو الفرج الأصفهاني عن أحمد بن سعيد ، عن يحيى بن الحسن عن ذوب مولاة زينب بنت عبد الله بن الحسين قالت : « اعتلّ مولاي القاسم بن عبد الله ، فوجّه إليه بطبيب يسأله عن خبره ، وجهه إليه السلطان ، فجسّ يده ، فحين وضع الطبيب يده عليها يبست من غير علّة ، وجعل وجعها يزيد عليه حتّى قتله ، قالت : سمعت أهله يقولون : أنه دسّ إليه السمّ مع الطبيب » (٢).
وتوارى أحمد بن عيسىٰ بن زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام مدةً طويلة حتى توفي سنة ٢٤٧ ه ، وكان فاضلاً عالماً مقدماً في أهله ، معروفاً فضله ، وقد كَتَب الحديث وعمّر ، وكُتِب عنه ، وروى عنه الحسين بن علوان روايات كثيرة ،
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٤٠٦.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٤٠٧.