يكشف عمّا يعانيه عليهالسلام وشيعته من ظلم المتوكل وعدوانه وطغيانه ، وعن إحساسه عليهالسلام العميق بمعاناة الأمة من الحيرة والضياع والحدود المعطلة والأحكام المهملة وغيرها من مظاهر التردّي.
روى المسعودي « أنه لما كان يوم الفطر في السنة التي قُتل فيها المتوكل ، أمر بني هاشم بالترجّل والمشي بين يديه ، وإنّما أراد بذلك أن يترجّل له أبو الحسن عليهالسلام ، فترجّل بنو هاشم وترجّل فاتكأ على رجلٍ من مواليه ، فاقبل عليه الهاشميون ، فقالوا له : يا سيدنا ، ما في هذا العالم أحد يستجاب دعاؤه فيكفينا الله ! فقال لهم أبو الحسن عليهالسلام : في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم على الله من ناقة ثمود ، لما عقرت وضج الفصيل إلى الله ، فقال الله : ( تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ ) (١) ، فقتل المتوكل في اليوم الثالث. وروى أنه عليهالسلام قال وقد أجهده المشي : أما إنه قد قطع رحمي ، قطع الله أجله » (٢) ، وهذا يوافق ما جاء في التاريخ ، فقد قتل المتوكل في الرابع من شوال سنة ٢٤٧ ه.
وجاء الخبر الذي رواه المسعودي مفصلاً في رواية قطب الدين الراوندي ، والسيد ابن طاوس الذي رواه في أكثر من طريق ، وتضمّن الدعاء الطويل الذي سمّاه الإمام عليهالسلام ( دعاء المظلوم على الظالم ) قال عليهالسلام : « لمّا بلغ مني الجهد رجعت إلى كنوزٍ نتوارثها من آبائنا ، وهي أعزّ من الحصون والسلاح والجنن ، وهو دعاء المظلوم على الظالم ، فدعوت به عليه فأهلكه الله ».
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٦٥.
(٢) إثبات الوصية : ٢٤٠.