غدت من عليه بعد ما ما تم خمسها |
|
تصل وعن قيض ببيداء مجهل (١) |
يصف قطاة في أشد أحوالها وحاجتها إلى الطيران من عطشها وحاجة فرخها إلى الرنق ؛ لأنها غدت في اليوم الخامس من شربها الماء ، وجوفها يصوت من يبسه وبعد عهده بالماء ، وعن قيض يعني عن فراخ ، والقيض في الأصل اسم لما تقشر عنه من البيض عن الفراخ ، وإنما يريد أن يذكر سرعة طيرانها من أجل ذلك.
قال سيبويه : " وأما إلى فمنتهى لابتداء الغاية ، تقول : من كذا إلى كذا ، وكذلك حتى : وقد بيّن أمرها في بابها" ولا تقول حتاه" ولها في الفعل نحو ليس لإلى ، ويقول الرجل إنما أنا إليك ، أي أنت غايتي ، ولا تكون حتى هاهنا ، فهذا أمر إلي وأصله وهي أعم في الكلام من" حتى" تقول : قمت إليه فجعلته منتهاك من مكانك ، ولا تقول حتاه". وقد أحكم ذلك في موضعه.
قال : " وأما" حسب" فمعناه كمعنى" قط". وأما" غير وسوى" فبدل ، و" كل وعم وبعض" اختصاص و" مثل" تسوية. وقد ذكرت ذلك كله في موضعه".
قال أبو سعيد : فأما بله زيد فتقول : دع زيدا ، وبله ها هنا بمنزلة المصدر كما تقول : ضرب زيد.
قال الشاعر :
تذر الجماجم ضاحياها ماتها |
|
بله الأكفّ كأنها لم تخلق |
كأنه قال : دع الأكف ، ثم جاء ببله فجعله مكان المصدر كأنه قال : ترك الأكف ، كما قال جل وعز : (فَضَرْبَ الرِّقابِ)(٢) ، أي فاضربوا الرقاب ضربا ، ثم أضاف المصدر إلى المفعول ، ومنهم من نصب فقال : بله الأكف ، ولم يذكره سيبويه ، ويحتمل ذلك من وجهين : أن تقدر بالها الأكف وحذف التنوين لاجتماع الساكنين ، والآخر أن بله لا يتمكن فوضع موضع الفعل كما قيل رويد زيدا وما أشبه.
قال سيبويه : " وعند لحضور الشيء ودنوه منه. وأما قبل فهو لما ولي الشيء ، تقول : ذهبت قبل السوق ، أي نحو السوق ، ولي قبلك مال ، أي فيما يليك ، ولكنه اتسع حتى جرى مجرى على إذا قلت : لي عليك.
__________________
(١) قائله مزاحم بن عقيل انظر النوادر ١٦٣ ، خزانة الأدب ٤ / ٢٥٥ ، الدرر ٢ / ٣٦.
(٢) سورة محمد الآية : ٤.