اعيياء فأدغموا لاجتماع الياءين للزوم الفتحة الثانية وإن شئت أظهرت كما قلت في الفعل الماضي حيي وحي ويحى ووعى قال الله عزوجل (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ)(١) وبعضهم يقول حيي قال ومن العرب من يقول أبيناء فيلقي كسرة الياء على الياء فيعل والقياس أن لا يعل لما ذكرناه ومن أعله فإنما استثقل الكسرة فألقاها على الساكن الذي قبلها وسهل ذلك أن بناء الفعل قد زال باتصال ألف التأنيث.
قال : " وأسكنوا الياء في أبينا كراهة الكسرة في الياء كما كرهوا الضمة في الواو في فعل فاسكنوا نحو نور وقول وليس هذا بالمطرد" يعني : أن تسكين من أسكن الياء من أبيناء كراهة الكسرة بمنزلة تسكين الضمة في فعل وذلك أن الاسم إذا كان على فعال أو فعول فالباب في جمعه فعل نحو قذال وقذل وجماد وجمد ورسول ورسل وقلوص وقلص ، وقد يجوز في فعل التخفيف فيقال فعل ورسل وقلص وقذل ، فإذا كانت العين واوا لم تجمع على فعل بضمتين واقتصروا فقال في جمع قذال قذل وفي جمع نوار وهي النافرة نور وربما جاؤوا بمثله على أصل الجمع قال عدي بن زيد :
وعن مبرقات بالبرين وتبدو |
|
في الأكف اللامعات سور (٢) |
وإنما هو جمع سوار مثل خمار وخمر وكتاب وكتب ، ومعنى قوله" وليس هذا بالمطرد" يريد ليس إعلال أبيناء بمطرد ؛ لأنه اسم قال وأما الإقامة والاستقامة فإنما اعتلتا كما اعتلت أفعالهما ، لأن الزوم الاستفعال والأفعال لاستفعل وأفعل كلزوم يستفعل ويفعل لهما ، ولو كانتا تفارقان كما تفارق بنات الثلاثة التي لا زيادة فيها مصادرها لتمت كما تتم فعول منهما ونحوه ، وقد بينا فيما مضى من الكتاب أن أفعل واستفعل يعتلان إذا كان موضع العين منهما ياء أو واوا ، فإذا اعتلا فلابد من إعلال مصادرهما فأما مصدر أفعل من المعتل العين فالإقامة نحوها وأما مصدر استفعل فالاستقامة نحوها وكان الأصل في الإقامة الأقوام ، لأنه مصدر أفعل مثل أكرم ومصدره الإكرام ، وقد كانت هذه الواو ألقيت حركتها في الفعل على ما قبلها وقلبت ألفا فقلبت في المصدر ألفا فاجتمعت ألفان إحداهما المنقلبة من الواو والأخرى ألف إفعال فأسقطت إحداهما لاجتماع الساكنين فعلى قول الخليل وسيبويه الساقطة هي الألف الثانية ، لأنها زائدة وقال الأخفش الساقطة الأولى ، لأن
__________________
(١) الأنفال الآية : ٤٢.
(٢) اللباب في علوم الكتاب ٢ / ١٦٠ ، المخصص ١ / ٣٧٠.