وقال الشاعر :
وإني لقوّام مقاوم لم يكن |
|
جرير ولا مولى جرير يقومها (١) |
ولم يقل مقايم ولم يعتل هذا الجمع كما اعتل واحده ، لأن واحده يجري على الفعل إن كان مصدر الفعل والمصدر لازم للفعل وليس كذلك أجمع ، فإن قال قائل فقد أعل جمع الفاعل كما أعل الفاعل فقالوا قائمة وقوائم وبائنة وبوائن قيل له ليس اسم الفاعل من المصدر في شيء وذلك أنك إذا قلت قائمة ، ثم قلت قوائم فالحرف المعتل في الجمع وقع في مثل موقعه من الواحد متحركا في الجمع بعد ألف الجمع كما كان في الواحد بعد ألف فاعل فلم يغيروه وحرف العلة في المصدر ساكن كقولك مقام ومعاش فإذا جمعنا احتجنا إلى تحريكه ، فرّد إلى الأصل ولم يعل كما أعل الواحد ؛ لأنه قد خالف منهاجه وسألته عن مفعل لأي شيء أتم ولم يجر مجرى أفعل.
فقال : " لأن مفعلا إنما هو في مفعال" يعني أن مفعلا وإن كان نظيره من الفعل أفعل فهو في معنى مفعال الذي لا نظير له في الفعل ولا يعتل قال والدليل على أن مفعول في معنى مفعال اشتراكهما في أشياء كثيرة ألا ترى أنك تقول مطعن ومطعان ومفسد ومفساد فاردت بمفعل من المبالغة في الفعل ما أردته بمفعال وتقول مخصف ومفتاح وهما اللّتان ، وقد قالوا مفتح ومفتاح ومنسج ومنساج ومقول ومقوال فاعتور هذان البناءان هذه الأشياء لأنهما كشيء واحد ومفعل مقصور من مفعال.
قال : " فأما قولهم مصائب فإنما هو غلط منهم وذلك أنهم توهموا أن مصيبة فعيلة وإنما هي مفعلة ، وقد قالوا مصاوب".
اعلم أن كل ياء ساكنة معتلة في الواحد وهي عين الفعل منه متى أجمعنا صحت في الجمع فرجع ما كان منه من ذوات الواو إلى الواو وما كان منه من ذوات الياء إلى الياء ولم يهمز شيء من ذلك ويكون ذلك فيما يكون أوله ميم زائدة نحو ما ذكرناه من مقام ومقال ومثوبة ومعيشة وما جرى مجرى ذلك وكان الأصل في مصيبة مصوبة ، فألقيت كسرة الواو على الصاد وقلبت الواو ياء فإذا جمعناهما فالوجه أن يقال مصاوب كما ذكرنا في مقام ومقاوم وإذا كان الاسم على فعال أو فعال أو فعول أو فعيل أو على أربعة أحرف
__________________
(١) البيت للأخطل انظر ديوانه ٢٧٦ ، محاضرات الأدباء ١ / ١٢١ ، المخصص ٤ / ٢٠٩.