فسقطت الألف كما سقطت في قولك : رمى الرجل.
قال : " وقالوا : رميا فجاءوا بالياء وقالوا : غزوا فجاؤا بالواو لئلا يلتبس الاثنان بالواحد وقالوا : حبليان وذفريان ، لأنهم لو حذفوا لالتبس بما ليس في آخره ألف التأنيث من الأسماء ، وأنت إذا قلت هذه حبلى الرجل ومن حبلى الرجل علم أن في آخرها ألفا. فإن قلت قد تقول رأيت حبلى الرجل فيوافق اللفظ لفظ ما ليس في آخره ألف التأنيث ، فان هذا لا يلزمه في كل موضع ، وإن لو قلت حبلان لم تجد موضعا إلا والألف منه ساقطة ولفظ بالاسم حينئذ ولفظ ما ليست فيه الألف سواء".
قال أبو سعيد : أعلم أن الساكن من حروف المد واللين وان حذفناه لاجتماع الساكنين فقد يرد مثله فلا يحذف لما يقع في حذفه من اللبس ، وذلك ما كان في آخره ألف من الاسم والفعل إذا ثنيناه قلبنا الألف التي في الواحد ياء أو واوا ، أدخلنا حرف التثنية وذلك قولك في رمى رميا ، وفي قضى قضيا ، وفي دعا دعوا ، قال الله عزوجل :
(فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللهَ رَبَّهُما)(١).
وتقول في دنا دنوا ، وفي غزا غزوا ، وتقول في تثنية الاسم في حبلى حبليان وفى ذفرى ذفريان ، وفي فتى فتيان ، وفي رحى رحيان ، وما كان من ذوات الواو نحو عصا ومنا وقفا ورجا عصوان ومنوان وقفوان ورجوان ، وإنما فعل ذلك لأنا لو أدخلنا على رمى ألف التثنية فحذفنا الألف التي في رمى لسكونها وسكون ألف التثنية لصار لفظ المثنى كلفظ الواحد ، ولو حذفنا في الاسم لقلنا في حبلى حبلان ، وفي ذفرى ذفران ، ورحان وفتان في تثنية رحى وفتى ، وعصان ومنان في تثنية عصا ومنا ، ولو فعلنا ذلك ثم أضفنا سقطت النون للإضافة فصار لفظ الواحد كلفظ الاثنين ، لأنك إذا قلت رحان في تثنية رحى وعصان في تثنية عصا ، ثم أضفتها إلى زيد قلت رحى زيد فصار كالواحد ، وكذلك عصا زيد. فإن قال قائل فأنت قد تقول : رأيت حبلى الرجل فيوافق اللفظ لفظ ما في آخره ألف التأنيث لأنه في موضع النصب مفتوح ، فكذلك التثنية ، ففرق سيبويه بينهما فقال : " إن هذا لا يلزم في كل موضع" يريد أن الألف من حبلى قد لا يلقاها ساكن يسقطها فتثبت ، كقولك : هذه حبلى زيد ، رأيت حبلى زيد ومررت بحبلى زيد فتظهر ألف حبلى وأنت إذا أسقطت الألف لاجتماع الساكنين في التثنية فهي ساقطة على كل حال ،
__________________
(١) سورة الأعراف ، الآية ١٨٩.