فأرادوا أن تعتل إذا كانت قبلها كسرة وبعدها حرف يشبه الياء ، فلما كان ذلك فيها مع الاعتلال لم يقروها وكان العمل من وجه واحد أخف عليهم وجسروا على ذلك الاعتلال.
اعلم أن كون الألف بعد الواو يوجب لها من الإعلال ما يوجبه سقوطها ولا يجب الإعلال بكون الألف بعد الواو فقط حتى ينضم إلى ذلك كسر ما قبل الواو وبكون الواو في مصدر قد اعتل فعله أو في جمع قد سكنت الواو في واحده ، فباجتماع هذه الأسباب يجب قلب الواو ياء وإعلالها وذلك قولك في المصدر الذي اعتل فعله قام قياما وحال حيالا ، وفي الجمع الذي سكنت الواو في واحده حوض وحياض وسوط وسياط وثوب وثياب ، فإذا صح الفعل أو تحركت الواو في الواحد لم يعتل وصحت الواو ولم تنقلب ياء كقولك قاوم قواما وجاءوا في جمع طويل طوال وربما قيل طيال تشبيها بحياض وأنشد المبرد في ذلك :
تبين لي أنّ القماءة ذلّة |
|
وأنّ أشدّ الرّجال طيالها (١) |
وإذا كان ذلك في الواحد ولم يكن مصدرا لم يعتل كقولك خوان وإذا لم يكن في الجمع ألف بعد الواو لم تعتل الواو وإن كان ما قبلهما مكسورا وكانت الواو في الواحد ساكنة كقولك كوز وكوزة وعود وعودة وزوج وزوجة والفرق بين حياض وسياط وبين عودة وزوجة أن هذه الألف هي تشبه الياء لمشاركتها إياها في المد واللين وانقلابها في أحوال ، فهذه الألف وإن لم تكن في الياء فكأنها جزء من الياء بالشبه فإذا انضم إلى هذا الكسرة واعتلال الفعل أو سكون الواو وصارت الواو بما قبلها من الكسرة وما بعدها من الألف مع علة الأصل وسكونه بمنزلة واو معها ياء ساكنة فقلبت كما قلبت في سيد وميت ومن وجه آخر لما كانت الفتحة في الواو ليست بمحضة لها بل قد يجوز أن يقال أن الألف جلبتها ؛ لأنها لا يكون ما قبلها إلا مفتوحا أشبهت هذه الواو الساكنة التي قبلها كسرة في الهاء تنقلب ياء ومعنى قوله" وكان العمل من وجه واحد أخف".
يعني : صار الخروج من كسرة إلى ياء بعدها ألف تشاكل الياء أخف عليهم من الخروج عن كسرة إلى الواو وكان الذي جسرهم ذلك الاعتلال الذي ذكرناه.
قال : " مثل ذلك سوط وسياط وثوب وثياب" يعني : مثل المصدر الذي ذكره وهو
__________________
(١) انظر تاج العروس ٢٩ / ٣٨٦ ، المحكم ٩ / ٢٣٥ ، اللباب في علوم الكتاب ١٦ / ٣٤.