المستقبل ؛ لأنك إذا وقفت عليها سكنت وقبلها كسرة فتنقلب ياء كما انقلبت ياء ميزان وما أشبهه فلما انقلبت ياء في جميع المستقبل من أفعل وفاعل وسائر ما ذكرنا لانكسار ما قبلها وسكونها في الوقف وجب قلبها في جميع تصاريف الفعل.
قال : " قلت فما بال تغازينا وترجينا وأنت إذا قلت يفعل منهما كان بمنزلة يفعل من غزوت قال الألف هاهنا بدل من الياء التي أبدلت مكان الياء وإنما أدخلت التاء على غازيت ورجيت" قوله" قلت" يعني قت للخليل لم قالوا تغازينا وترجينا فقلبوا الواو التي كانت في غزوت ورجوت ياء ومستقبل هذين الفعلين لا ينكسر ما قبل آخره ، لأن تفاعل وتفعل تقول في مستقبلهما يتفعل ويتفاعل فإذا قلت يترجى ويتغازى لم ينكسر ما قبل آخرهما وإنما كان السبب في قلب الواو ياء في اغزيت ورجيت انقلابها في المستقبل إذا قلت يغزي ويرجي وليست هذه العلة موجودة في يتغازى ويترجى لانفتاح ما قبل آخرهما في المستقبل فقال الخليل مجيبا إن تغازيت وترجيت أصلهما غازيت ورجيت وانقلابها ياء في غازيت ورجيت للعلة التي ذكرناها.
وقال : " ضوضيت وقوقيت بمنزلة ضعضعت ولكنهم أبدلوا الياء إذا كانت رابعة فإذا كررت الحرفين فهما بمنزلة تكريرك الحرف الواحد" يعني أن الأصل في ضوضيت وقوقيت ضوضوت وقوقوت وقلبت الواو ياء للعلة التي لها قلبت الواو ياء في اغزيت وسائر ما ذكرناه وهي انكسار ما قبلها في المستقبل وإنما حكمنا أن الياء في قوقيت منقلبة من واو دون أن يكون ياء في أصلها أنّا رأينا أكثر هذه الأفعال الرباعية مضاعفة كقولك صعصعت وصلصلت وجرجرت وما أشبه ذلك فقضينا ضوضيت وقوقيت بالأغلب في الباب وفعلل من المكرر يجيء على ضربين أحدهما أن يكون أصله مما عينه ولامه من جنس واحد فاذا بنوا منه فعلل اجتمع فيه ثلاثة أحرف من جنس واحد وأشبه لفظة لفظ فعل فيقلبون الأوسط من الثلاثة الأحرف وهو لام الفعل مثل الحرف الذي في موضع الفاء من الفعل كقولك كفكفتة من كففته وكبكبت من كببت قال الله عزوجل (فَكُبْكِبُوا فِيها) أي فكبوا فيها وأصله كببوا وكففته واستثقل ثلاثة أحرف من جنس واحد مع اللبس الذي يقع بين فعللت وفعلته فقلبوا واحدا منها على لفظ أقرب الحروف إليه وهو فاء الفعل ولو تركوه ولم يقلبوه فقالوا كففته وكببته لكان لفظه كلفظ فعلت فكان يجتمع مع الاستثقال ليس بين بناءين والدليل على أنهم يستثقلون كففته وكببته وما جرى مجراهما