لاجتماع حروف من جنس واحد قولهم دسيت في دسست وقد قال الله عزوجل (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) في معنى من دسسها وكما قال تظنيت في معنى تظننت وذكر الفراء أن كبكبت وما كان نحوه مما عينه ولامه جنس واحد في الأصل يجوز أن يكون فعل ويجوز أن يكون فعلل فأما فعلل فقد ذكرناه ولا يجوز أن يكون فعل كما ذكره وذلك أن فعل مصدره تفعيل أو تفعله فلو كان كبكبت فعلت لوجب أن يكون مصدره تكبيب أو تكبة فلما قالوا كبكبت كبكبة علمنا أنه فعللت والضرب الثاني من هذا ما كان مبنيا لصوت على حرفين يتكرران كقولك قرقر الطائر وقعقع الحلي إذا صوت ، وذاذا الحجر إذا تدحرج من علو جبل إلى قراره. فإن قال قائل فكيف اقتصروا من هذا الصوت المكرر على اثنين فلم يجاوزوه ولم ينقصوه فيصيروه واحدا قيل له أما مجاوزة الواحد فقد وجبت بالتكرير الذي يلزم الصوت وأما الاقتصار على الاثنين فلو لم يقتصروا على الاثنين للزمهم أن يذكروا عدد ما يكرر عليه الصوت من المرات ومثل ذلك قولهم قام القوم رجلا رجلا رضوا من عدد الرجال برجلين فلم يجاوزوهما ولم يقتصروا على واحد وذلك أن المعنى يراد منه التردد فلم يكتف بالواحد ولو جاوز الاثنين لاحتاجوا أن يعدوا جمع الرجال وقد يجيء على فعللت مضاعفا ما لا يعرف منه فعل عينه ولامه من جنس واحد ولا هو من الأصوات المكررة كقولك عسعس الليل إذا أدبر وولى ، وقال بعضهم : إذا اعتكر وتراكبت ظلمته وصعصع القوم إذا اضطربوا ونحو ذلك فهذا إما أن يكون أصله ما ذكرناه وإما أن يكون على فعلل مثل دحرج واتفق أن يكون لاماه من جنس عينه وفائه.
قال : " فإنما الواوان هاهنا بمنزلة ياءي حييت وواوي قوّة لأنك ضاعفت" يعني أن الواوين في ضوضوت وقوقوت وإن كانت الثانية منهما منقلبة ياء بمنزلة ياءي حييت وواوي قوّة وذلك إن ياءي حييت وإن كانتا ياءين على لفظ واحد هما عين الفعل والأخرى لامه فكذلك واو ضوضوت إحداهما عين والأخرى لام.
قال : " وكذلك حاحيت وعاعيت وهاهيت ولكنهم أبدلوا الألف لشبهها بالياء فصارت كأنها هي" يعني أن حاحيت فعللت مثل ضوضيت والألف فيه منقلبة من ياء والأصل حيحيت والدليل على أن الألف منقلبة من ياء أنا رأينا ذوات الواو من هذا الباب تجيء على أصلها كقولك ضوضيت وقوقيت ولم نر شيئا من ذوات الياء جاء من هذا