أنهم يخرجونها من طرف اللسان وأطراف الثنايا ، وربما تكلفوا إخراجها من مخرج الضاد فلم تتأت لهم فخرجت من بين الضاد والظاء ورأيت في كتاب أبي بكر مبرمان في الحاشية الضاد الضعيفة يقولون في إثر واضروله يقربون الثاء من الضاد التي كالسين فيما ذكروه كأنها كانت في الأصل صادا فقربها بعض من تكلم لها من السين لأن السين والصاد من مخرج واحد والظاء التي كالتاء والباء التي كالفاء هي كثيرة في لغة الفرس وغيرهم من العجم وهي على لفظين أحدهما لفظ الباء أغلب عليه من الفاء والآخر لفظ الفاء أغلب عليه من الباء.
وقد جعلا حرفين من حروفهم سوى الباء والفاء المخلصين.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : وأظن الذين تكلموا بهذه الأحرف المسترذلة من العرب خالطوا العجم ؛ فأخذوا من لغتهم.
قال سيبويه : إلا أن الصاد الضعيفة تتكلف من الجانب الأيمن وإن شئت تكلفتها من الجانب الأيسر وهي أخف ؛ لأنها من حافة اللسان وإنما تخالط مخرج غيرها بعد خروجها فتستطيل حتى تخالط حروف اللسان فسهل تحويلها إلى الأيسر ؛ لأنها تصير في حافة اللسان في الأيسر إلى مثل ما كانت في الأيمن ، ثم تنسل من الأيسر حتى تتصل بحروف اللسان كما كانت في الأيمن ، وإنما قال : هي أخف ؛ لأن الجانب الأيمن قد اعتاد الضاد الصحيحة ، وإخراج الضعيفة من موضع قد اعتاد الصحيحة أصعب من إخراجها من موضع لم يعتد الصحيحة.
قال أبو سعيد ـ رحمهالله ـ : وتجيء على قياس ما عدّ سيبويه الحروف أكثر من اثنين وأربعين حرفا لأنه ذكر بعد تفصيل الاثنين وأربعين حرفا الشين التي كالزاي والجيم التي كالزاي في باب قبيل آخر الكتاب ويدخل في هذا اللام المقحمة التي في اسم الله عزوجل في لغة أهل الحجاز ، ومن يليهم من العرب ومن يليهم ناحية العراق إلى الكوفة وبغداد ورأينا من يتكلم بالقاف بين القاف والكاف فيأتي بمثل لفظ الكاف التي بين الجيم والكاف والجيم التي كالكاف.
قال سيبويه : وحروف العربية ستة عشر مخرجا :
فللحلق منها ثلاثة أقصاها مخرجا الهمزة والهاء والألف.
ومن وسط الحلق : مخرج العين والحاء.
وأدنى مخارج الحلق إلى اللسان : الغين والخاء.
ومن أقصى اللسان ومما فوقه من الحنك الأعلى : مخرج القاف.