مفتوحة لم تمنع من الإمالة كما منعت حروف الاستعلاء لقوة حرف الاستعلاء ، ولأن الراء وإن كانت مكررة فهي من مخرج اللام وهي قريبة من الياء ، ألا ترى أن الألثغ قد يجعل الراء ياء فيقول : " بايك الله عليك" في" موضع بارك الله عليك".
قال : " وأما قوم آخرون فنصبوا الألف في النصب والرفع ، وجعلوها بمنزلتها إذ لم يحل بينها وبين الألف كسر ، وجعلوا ذلك لا يمنع كما لم يمنع في القاف وأخواتها ، وأمالوا في الجر كما أمالوا حيث لم يكن بينها وبين الألف شيء ، وكان ذلك عندهم أولى حيث كان قبلها حرف تمال له لو لم يكن بعده راء".
يريد أن الذين نصبوا في" كافر" و" كافرا" لم يحفلوا بالكسرة بين الألف والراء وجعلوا الراء كأنها تلي الألف ، كما أن القاف في السمالق كما أنها تلي الألف في منع الإمالة ، وإذا كانت الراء مجرورة في" الكافر" و" الكافرين" و" المنابر" أمالوا كأن الراء تلي الألف.
قال : " وأما بعض من يقول : " مررت بالحمار" فإنه يقول : " مررت بالكافر" فينصب الألف ؛ وذلك لأنك قد تترك الإمالة في الرفع والنصب كما تتركها في القاف ، فلما صارت في هذا كالقاف تركتها في الجر على حالها ؛ حيث كانت تنصب في الأكثر يعني في الرفع والنصب ، وكان من كلامهم أن ينصبوا نحو" عابد" وجعل الحرف الذي قبل الراء يبعده من أن يمال كما جعله قوم حيث قالوا : هو كافر يبعده من أن ينصب ، فلما بعد وكان النصب عندهم أكثر تركوه على حاله إذ كان من كلامهم أن يقولوا" عابد" والأصل في" فاعل" أن تنصب الألف ولكنها تمال لما ذكرت لك من العلة ، ألا تراها لا تمال في" تابل" ، فلما كان ذلك الأصل تركوها على حالها في الرفع والنصب ، وهذه اللغة أقل في قول : من قال" عابد" و" عالم".
قال أبو سعيد : جملة هذا الكلام إنه قد يميل" مررت بالحمار" لانكسار الراء بعد الألف من لا يميل مررت بالكافر لبعد الراء المكسورة من الألف ، وقوّى سيبويه نصب" مررت بالكافر" بأشياء منها أن القاف المانعة من الإمالة وإن كسرناها لم نغير حكمها في منع الإمالة ، ومنها أن الراء قد بعدت وهي تمنع الإمالة إذا كانت مرفوعة أو منصوبة فجعلت في الجر مثلها في الرفع والنصب ، ومما احتج له أن الألف في الأصل غير ممالة ، وإنما الإمالة شيء حادث داخل عليها ، وهذه الوجوه قرب بها فتح الألف في" الكافر" وإن كانوا يميلون مثله.