وإنما فرق بين الوصل والوقف أنه يستوي لفظ الوقف فيما فيه ألف ولام وما ليس فيه ألف ولام ، فحمل ما فيه الألف واللام على ما ليستا فيه وإذا وصل دخل ما ليس فيه ألف ولام تنوين يوجب إسقاط الياء لاجتماع الساكنين ، وما فيه الألف واللام لا يدخله التنوين فلم يحمل عليه.
قال : " وأما في حال النصب فليس إلا البيان لأنها ثابتة في الوصل فيما ليست فيه ألف ولام ، ومع هذا أنه لما تحركت الياء أشبهت غير المعتل ، وذلك قولك : رأيت القاضي ، وقال الله تبارك وتعالى : (كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ)(١) وتقول رأيت جواري لأنها ثابتة في الوصل متحركة".
قال أبو سعيد : بيد أن الياء ثابتة في الوقف في المنصوب لأنها لا تسقط بحال في النصب وليست كالمرفوع والمخفوض ، لأن الياء فيها تسقط في حال.
قال : " وسألت الخليل عن القاضي في النداء فقال : اختار يا قاضي ، لأنه ليس بمنون ، كما اختار هذا القاضي وأما يونس فقال : يا قاض ، وقول يونس أقوى ، لأنه لما كان من كلامهم أن يحذفوا في غير النداء كانوا في النداء أجدر ، لأن النداء موضع حذف يحذفون فيه التنوين ، ويقولون : يا حار" ويا عام" ويا غلام أقبل".
قال أبو سعيد : اختار سيبويه قول يونس لما ذكره ، وبعض أصحابنا يختار قول الخليل رأيت ذلك في سياق كلام نسب أوله إلى أبي العباس المبرد فيما حكاه محمد بن علي مبرمان ، والحجة في ذلك أن المنادى المعرفة لا يدخله تنوين في وقف ولا وصل ، والذي يسقط الياء هو التنوين ، فوجب أن تثبت الياء لأنها لام الفعل كما يثبت غيرها من سائر الحروف ، وأجمع يونس والخليل جميعا على ثبوت الياء في الوقف في قولنا : أرى يرى فهو مر إذا وقفت فقلت : هذا مري ، ومررت بمري ، وكرهوا أن يقولوا : هذا مر يا فتى ، ومررت بمر يا فتى ، لأنك لو أسقطت الياء في الوقف لأخللت بالكلمة لحذف بعد حذف ، وذلك أن أصله مرئي وأصل الفعل أرأي يرئي ، فلينوا الهمزة أسقطوها وحذفوا الحركة من الياء.
فإذا وصلوا حذفوا الياء لاجتماع الساكنين الياء والتنوين ، وإذا وقفوا ردوا الياء لئلا تختل الكلمة بحذف بعد حذف فصار الياء عوضا.
قال : " وأما الأفعال فلا يحذف منها شيء لأنها لا تذهب في الوصل في حال ،
__________________
(١) سورة القيامة ، الآية : ٢٦.