وذلك لا أقضي وهو يقضي ويغزو".
وإنما كان كذلك لأنه لا تنوين فيها ، وربما حذفوا من بعض الأفعال مما يكثر في كلامهم ، ولا يقاس عليه ، قالوا : لا أدر ، ولا يقولون : لا أرم ، كما قالوا : لم يك زيد ، ولا يقولون : لم يه زيد ، ولا لم يص زيد في معنى لم يهن زيد ، ولم يصن زيد.
قال : " ولا يقولون : لم يك الرجل" لأنها إذا لقيها ألف ولام أو ألف وصل تحركت النون فخرجت عن شبه حروف المد واللين كقوله عزوجل : (لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا)(١) ، وهذا هو المعروف ، وقد ذكر أبو زيد في نوادره شعرا نسبه إلى حسيل بن عرفطة ، وقال أبو حاتم : وهو جاهلي :
لم يك الحق عليّ أن هاجه |
|
رسم دار قد تعفى بالسّرر |
وقال أبو حاتم : بالسّرر
غير الجدّة من عرفانها خرق |
|
الريح وطوفان المطر (٢) |
وهذا شاذ.
قال : " وجميع ما لا يحذف في الكلام وما يختار فيه ترك الحذف مما ذكرنا يجوز حذفه في الفواصل والقوافي ، فالفواصل قول الله عزوجل : (والليل إذا يسر) (٣) و (ذلك ما كنا نبغ) (٤) و (يوم التناد) (٥) و (الكبير المتعال) (٦) ".
إنما يريد بالفواصل ، رؤوس الآي ومقاطع الكلام ، والأسماء في الحذف أولى من الأفعال ، والحذف فيها أقوى لأنها يلحقها التنوين في الكلام فيحذف منها الياء.
" وأما القوافي فنحو قول زهير :
وأراك تفري ما خلقت |
|
وبعض القوم يخلق ثم لا يفر (٧) |
فيحذف الياء من يفر للقافية.
قال : " وإثبات الياءات والواوات أقيس الكلامين ، وهذا جائز عربي كثير".
__________________
(١) سورة البينة الآية ١.
(٢) انظر النوادر ٧٧ ، والخزانة ٤ / ٧٢.
(٣) سورة الفجر الآية : ٤.
(٤) سورة الكهف الآية : ٦٤.
(٥) سورة غافر الآية : ٣٢.
(٦) سورة الرعد الآية : ٩.
(٧) انظر ديوان زهير ١١٩ والمنصف ٢ / ٧٤.