خفية ، وقد رأيناهم في حروف غير هذه عاملوا ما قبل النون الساكنة معاملة ما بعدها ، كقولهم : هو ابن عمّى دنيا والأصل دنوا لأنه من الدنو.
وقالوا : منتن فكسروا الميم لكسرة التاء وأتبعوها إياها وكأنه ليس بينهما نون.
قال : " وقال ناس من بكر بن وائل : من أحلامكم شبهها بالهاء لأنها علم إضمار قد وقعت بعد الكسرة فأتبعوا الكسرة حيث كانت حرف إضمار وكان أخفّ عليهم من أن يضمّ بعد أن يكسر ، هذه لغة رديئة جدّا وسمعنا أهل هذه اللغة يقولون للحطيئة :
وإن قال مولاهم على جلّ حادث |
|
من الدّهر ردّوا فضل أحلامك ردّوا (١) |
قال : " وإذا حركت فقلت رأيت قاضية قبل لم تكسر ، لأنها إذا تحركت لم تكن حرف لين فبعد شبهها من الألف ، لأن الألف لا تحرك أبدا" وليست كالهاء لأن الهاء من مخرج الألف فهي وان تحركت في الخفاء نحوّ من الألف والياء الساكنين ألا تراها جعلت في القوافي متحركة بمنزلة الياء والواو ساكنتين فصارت كالألف ، وذلك قولك : خليلها ، فاللام حرف الروي وهي بمنزلة خليلو ، وإنما ذكرت هذا لئلا تقول قد تحركت الهاء فلم جعلتها بمنزلة الألف فهي متحركة كالألف".
قال أبو سعيد : " أراد سيبويه أن الياء إذا تحركت بطل الكسر في الهاء ووصلت الهاء بواو لأنها لما تحركت بطل الكسر في الهاء بعد شبهها من الألف لأن الألف لا تكون إلا ساكنة ، وإنما تشبه الواو والياء والألف إذا كانت ساكنة والهاء خفية تشبه الألف وإن كانت متحركة لأنها من مخرج الألف فهي تشبهها وإن كانت متحركة ، ويقوي ذلك أن الحروف التي تكون وصلا لحرف الروي في القافية أربعة الألف والواو والياء والهاء ، والألف الواو والياء إذا كنّ وصلا لم يجز أن يتحركن ، وأما الهاء فإنها قد تكون وصلا وتتحرك ، فيكون بعدها الألف والواو والياء ، وقد تكون الهاء وصلا" وهي ساكنة. فأما هاء الوصل الساكنة فقوله :
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله |
|
وعرّي أفراس الصّبا ورواحله (٢) |
فاللام حرف الروي والهاء وصل وهي ساكنة ، وأما إذا كانت متحرك وبعدها ألف
__________________
(١) قائل البيت جرول بن أوس بن مالك انظر معاني القرآن وإعرابه ١ / ١٥.
(٢) البيت لزهير بن أبي سلمى انظر ديوانه ٤٥.