فقوله :
عفت الديار محلّها فمقامها |
|
بمنّى تأبّد قولها فرجامها (١) |
فالميم حرف الروي والهاء وصل وبعدها ألف وهي تسمى بعد الهاء الخروج ، وما بعد الهاء ياء قوله :
إذا علا علياء من عليائهي |
|
شقّ بها ما صحّ من سقائهي |
الهمزة حرف الروي والهاء وصل وبعدها ياء هي خروج والواو قوله :
وبلد عامية أعماؤه |
|
كأنّ لون أرضه سماؤه |
الهمزة حرف الروي والهاء وصل وبعدها واو هي خروج ، ولذلك قال سيبويه : " خليلها" ، كقولك : خليلو ، لأن الواو في خليلو وصل ، والهاء في خليلها وصل ، فالهاء بتحركه كالواو ساكنة.
قال : " وأما هاء هذه فإنهم أجروها مجرى الهاء التي هي علامة الإضمار ، إضمار المذكر لأنها علامة للتأنيث كما أن هذه علامة للمذكر فهي مثلها في أنها علامة وأنها ليست من الكلمة التي قبلها ، وذلك قولك : هذ هي سبيلي ، فإذا وقفت لم يكن إلّا الحذف كما تفعل ذلك في به وعليه ، إلّا أن من العرب من يسكّن هذه الهاء في الوصل ، يشبهّها بميم عليهم وعليكم لأن هذه الهاء لا تحول عن هذه الكسرة إلى فتح ولا تصرّف كما تصرف الهاء ، فلما ألزمت الكسرة قبلها حيث أبدلت من الياء وشبهوها بالميم التي تلزم الكسرة والضمة وكثر هذا الحرف في الكلام كما كثرت الميم في الإضمار. سمعت من يوثق بعربيته من العرب يقول : هذه أمة الله فيسكّن".
قال أبو سعيد : أصل هذه هذي ، وإنما أبدلت الهاء من الياء ، وكثير من العرب لا يبدلون ويقولون هذي ، فمن أبدل فإنه يجري هذه الهاء مجرى هاء الضمير التي قبلها كسرة فيكسرها ، ولا أعلم أحدا يضمها لأنهم شبهوها بهاء الضمير وليست للضمير فحملوها على أكثر الكلام ، وأكثر الكلام كسر الهاء إذا كان قبلها كسرة ، ووصلها بالياء كما وصلوا بهي وغلامهي يا فتى ، فإذا وقفوا سكّنوا كما يسكّنون به وبغلامه إذا وقفوا ، والذين أسكنوا الهاء في هذه إذا وصلوا لا يسكنونها في قولك بغلامهي وبدارهي وفي سائر أحوال هاء الضمير لأن هاء الضمير أشد تصرفا لأنها قد يكون ما قبلها ساكنا ومفتوحا
__________________
(١) البيت للبيد بن ربيعة العامري انظر شرح ديوانه ٢٠٥.