في نظرهم مثل الإنتاج الحيواني والزراعي ، وما ماثل فيترفعون عنها. أو لا تلائم حياتهم.
وفي الأرياف نرى الأراضي بيد أهلها. فكل عشيرة تملك أرضا تزرعها وتعيش عليها. فإذا حصل عليها اعتداء مالت إلى ضرورة القتال دونها. وجرّت هذه الحروب في الغالب إلى اندفاع العشائر القريبة لبعضها إلى حمايتها ومن ثم حصل الاشتباك المستمر في المعارك حتى تقوى واحدة ، أو أن ترجع المتغلبة إلى حالتها ناكصة على الأعقاب ، ويبقى العداء. وربما حصل تدافع بين العشائر وتشوش الوضع مدة حتى يتدخل المصلحون والكلمة للغالب ، وأن التحكيم ينقلب إلى تحكم وهكذا يقال في الاختلاط من جراء ذلك.
والتسوية عملها مفيد من جهة تسجيل الأراضي وتثبيت وضعها الواقعي ، ومن جهة أنها بعد أن عينت صلة الزراع بالأرض قطعت الصلة بالمراجعة لمديرية العشائر وحسم الخصومات من طريق الإدارة ، وصارت تراجع المحاكم المدنية في فصل النزاع. وكانت الغاية المنشودة من هذا القانون أن ينال المستثمر نصيبه في الأراضي الأميرية ، وتسجل باسمه حصته بالاشتراك مع غيره أو بالانفراد.
جرى فعلا مثل هذا في أماكن عديدة كانت سلطة الدولة فيها قوية ومكينة وفي الأماكن الأخرى نرى التغلب مشهودا. والاثرة من الرؤساء سائدة ، والقوة بارزة للعيان. فلا يستطيع الفلاح أن يطالب باستثماره وتقديم بينة على حقه وإلا أخرج إلى ما وراء حدود الأراضي ، أو أصبح قتيلا.
ومن كان مهددا بذلك لا يستطيع المطالبة بحقوقه القانونية.
والأرض في الحقيقة للعشيرة فاستأثر الرؤساء وحاولوا أن يكونوا ملاكين بعد أن كانوا رؤساء لما شعروا به من ضعف سلطتهم أو تحقق ذلك لهم يقينا.