(وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ)(٤٢)
(بَعْدَ ظُلْمِهِ) من إضافة المصدر إلى المفعول ، وتفسره قراءة من قرأ : بعد ما ظلم (فَأُولئِكَ) إشارة إلى معنى (مِنْ) دون لفظه (ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ) للمعاقب ولا للعاتب والعائب (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ) يبتدئونهم بالظلم (وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ) يتكبرون فيها ويعلون ويفسدون.
(وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(٤٣)
(وَلَمَنْ صَبَرَ) على الظلم والأذى (وَغَفَرَ) ولم ينتصر وفوّض أمره إلى الله (إِنَّ ذلِكَ) منه (لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) وحذف الراجع لأنه مفهوم ، كما حذف من قولهم : السمن منوان بدرهم. ويحكى أن رجلا سب رجلا في مجلس الحسن رحمه الله ، فكان المسبوب يكظم ، ويعرق فيمسح العرق ، ثم قام فتلا هذه الآية ، فقال الحسن : عقلها والله وفهمها إذ ضيعها الجاهلون. وقالوا : العفو مندوب إليه ، ثم الأمر قد ينعكس في بعض الأحوال ، فيرجع ترك العفو مندوبا إليه ، وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي ، وقطع مادة الأذى. وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل عليه : وهو أن زينب أسمعت عائشة بحضرته ، وكان ينهاها فلا تنتهي ، فقال لعائشة : «دونك فانتصرى» (١).
(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ وَتَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ)(٤٤)
__________________
ـ ابن عيينة عن عمرو عن ابن عباس. وأخرى عن البيهقي من رواية الثوري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أتم منه ـ قال البيهقي : المتن غريب ـ والاسناد ضعيف.
(١) أخرجه النسائي من رواية خالد بن مسلمة عن عروة عن عائشة قالت : ما علمت حتى دخلت على زينب بغير إذن وهي بمعنى [بياض بالأصل.] فذكر نحوه. ولم يذكر فيه النهى. ولفظه ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا زينب بنت جحش ـ إلى أن قال : فأقبلت زينب هجم لعائشة فنهاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبت أن تنتهي. قال : لعائشة سبيها فسبتها فغلبتها».