(وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ) ومن يخذل الله (١) (فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ) فليس له من ناصر يتولاه من بعد خذلانه.
(وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ (٤٥) وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ) (٤٦)
(خاشِعِينَ) متضائلين متقاصرين مما يلحقهم (مِنَ الذُّلِ) وقد يعلق من الذل بينظرون ، ويوقف على خاشعين (يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ) أى يبتدئ نظرهم من تحريك لأجفانهم ضعيف خفى بمسارقة ، كما ترى المصبور ينظر إلى السيف (٢). وهكذا نظر الناظر إلى المكاره : لا يقدر أن يفتح أجفانه عليها ويملأ عينيه منها ، كما يفعل في نظره إلى المحاب. وقيل : يحشرون عميا فلا ينظرون إلا بقلوبهم. وذلك نظر من طرف خفى. وفيه تعسف (يَوْمَ الْقِيامَةِ) إما أن يتعلق بخسروا ، ويكون قوله المؤمنين واقعا في الدنيا ، وإما أن يتعلق بقال ، أى : يقولون يوم القيامة إذا رأوهم على تلك الصفة.
(اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ ما لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَما لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)(٤٧)
(مِنَ اللهِ) من صلة لا مردّ ، أى : لا يرده الله بعد ما حكم به. أو من صلة يأتى ، أى : من قبل أن يأتى من الله يوم لا يقدر أحد على ردّه. والنكير : الإنكار ، أى : ما لكم من مخلص من العذاب ولا تقدرون أن تنكروا شيأ مما اقترفتموه ودوّن في صحائف أعمالكم.
(فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلاَّ الْبَلاغُ وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ)(٤٨)
__________________
(١) قوله «ومن يخذل الله. فما له من ولى» تأويل على مذهب المعتزلة : أنه تعالى لا يخلق الشر. وعند أهل السنة : يخلقه كالخير ، فالاضلال خلق الضلال. ومن بعده : أى من بعد إضلاله. (ع)
(٢) قوله «كما ترى المصبور ينظر إلى السيف» أى : المحبوس للقتل. أفاده الصحاح. (ع)