ما لأبى حمزة لا يأتينا |
|
يظل في البيت الّذى يلينا |
غضبان أن لا نلد البنينا |
|
ليس لنا من أمرنا ماشينا |
وإنّما نأخذ ما أعطينا (١) |
والظلول بمعنى الصيرورة ، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها. وقرئ : مسودّ ومسوادّ ، على أن في (ظَلَ) ضمير المبشر ، و (وَجْهُهُ مُسْوَدًّا) جملة واقعة موقع الخبر ، ثم قال : أو يجعل للرحمن من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته. وهو أنه (يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ) أى يتربى في الزبنة والنعمة ، وهو إذا احتاج إلى مجاثاة الخصوم (٢) ومجاراة الرجال : كان غير مبين ، ليس عنده بيان ، ولا يأتى ببرهان يحتج به من يخاصمه ، (٣) وذلك لضعف عقول النساء ونقصانهنّ عن فطرة الرجال ، يقال : قلما تكلمت امرأة فأرادت أن تتكلم بحجتها إلا تكلمت بالحجة عليها. وفيه. أنه جعل النشء في الزينة والنعومة من المعايب والمذام ، وأنه من صفة ربات الحجال ، فعلى الرجل أن يجتنب ذلك ويأنف منه ، ويربأ بنفسه عنه ، ويعيش كما قال عمر رضى لله عنه : اخشوشنوا واخشوشبوا وتمعددوا (٤). وإن أراد أن يزين نفسه زينها من باطن بلباس التقوى ، وقرئ : ينشأ ، وينشأ ، ويناشأ. ونظير المناشأة بمعنى الإنشاء : المغالاة بمعنى الإغلاء.
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ)(١٩)
قد جمعوا في كفرة ثلاث كفرات. وذلك أنهم نسبوا إلى الله الولد ، ونسبوا إليه أخس
__________________
(١) ما لأبى حمزة لا يأتينا |
|
يظن في البيت الذي يلينا |
غضبان أن لا تلد البنينا |
|
ليس لنا من أمرنا ماشينا |
وإنما نأخذ ما أعطينا |
|
حكمة ربى ذى الجلال فينا |
لامرأة ولدت أنثى ، فهجر زوجها بيتها والاستفهام إنكارى. ويظل : استئناف ، أى يصير دائما في البيت الذي يقرب منا ، ولا يأوى إلى بيتنا. وغضبان : أى هو غضبان ، فهو على تقدير الاستفهام. ويحتمل أنه إخبار ، أى : هو غضبان من عدم ولادتنا البنين ، ثم ترضته واستعطفته بقولها : ليس لنا من أمرنا ما نشاء ، فخفف همزة شئنا القافية ، ولا نأخذ إلا ما أعطانا الله إياه ، لأن الأمر كله لله ، تلك حكمته فينا معاشر الخلق.
(٢) قوله «إلى مجاثاة الخصوم» مفاعلة من «جثا يجثو» إذا برك على ركبتيه. أفاده الصحاح. (ع)
(٣) قوله «يحتج به من يخاصمه» لعله : على من يخاصمه. أو لعله : يحج به من يخاصمه ، أى : يغلبه في الحجاج (ع)
(٤) أخرجه أبو عبيد في الغريب : حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبى العدس الأسدى عن عمر رضى الله عنه أنه قال. ذكر هذا وزاد : واجعلوا الرأس رأسين ـ الحديث» موقوفا. ورواه ابن حبان من طريق أبى عثمان. قال : أتانا كتاب عمر فذكر قصة فيها هذا.