النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب ، فيقولون : ادعوا مالكا ، فيدعون يا مالك ليقض علينا ربك (١)». (لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِ) كلام الله عز وجل : بدليل قراءة من قرأ : لقد جئتكم. ويجب أن يكون في قال ضمير الله عز وجل. لما سألوا مالكا أن يسأل الله تعالى القضاء عليهم : أجابهم الله بذلك (كارِهُونَ) لا تقبلونه وتنفرون منه وتشمئزون منه ، لأنّ مع الباطل الدعة ، ومع الحق التعب.
(أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ (٧٩) أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ) (٨٠)
(أَمْ) أبرم مشركو مكة (أَمْراً) من كيدهم ومكرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم (فَإِنَّا مُبْرِمُونَ) كيدنا كما أبرموا كيدهم ، كقوله تعالى (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ)؟ وكانوا يتنادون فيتناجون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن قلت : ما المراد بالسر والنجوى؟ قلت : السر ما حدث به الرجل نفسه أو غيره في مكان خال. والنجوى : ما تكلموا به فيما بينهم (بَلى) نسمعهما ونطلع عليهما (وَرُسُلُنا) يريد الحفظة عندهم (يَكْتُبُونَ) ذلك. وعن يحيى بن معاذ الرازي : من ستر من الناس ذنوبه وأبداها للذي لا يخفى عليه شيء في السماوات فقد جعله أهون الناظرين إليه ، وهو من علامات النفاق.
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ (٨١) سُبْحانَ رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ)(٨٢)
(قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ) وصح ذلك وثبت ببرهان صحيح توردونه وحجة واضحة تدلون بها (فَأَنَا أَوَّلُ) من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له : (٢) كما يعظم الرجل
__________________
ـ الأعمش عن سمرة بن عطية عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبى الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم» يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون. فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع ـ الحديث : وفيه قال الأعمش بين أن ينزل عليهم وإجابة مالك ألف عام» وقال الترمذي : قطبة ثقة. وبعض أهل الحديث كان يرفع هذا. وهذا أخرجه الطيراني والبيهقي في الشعب ورواه الطبري من رواية شريك عن الأعمش موقوف ولم يفصل الكلام الأخير. ثم رواه من طريق قطبة مرفوعا ، ولم يفعل أيضا.
(١) هو في الحديث الذي قبله.
(٢) قال محمود : «معناه إن صح وثبت برهان قاطع ، فأنا أول من يعظم ذلك الولد وأسبقكم إلى طاعته والانقياد له ... الخ» قال أحمد : لقد اجترأ عظيما وافتحم مهلكة في تمثيله ذلك بقول من سماه عدليا : إن كان الله خالقا للكفر في القلوب ومعذبا عليه فأنا أول القائلين إنه شيطان وليس باله ، فلينقم عليه ذلك بقول القائل : قد