رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر مع الإيمان ذنب ، كما لا ينفع مع الشرك (١) عمل ، حتى نزلت (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فكانوا يخافون الكبائر على أعمالهم. وعن حذيفة : فخافوا أن تحبط الكبائر أعمالهم. وعن ابن عمر : كنا ترى أنه ليس شيء من حسناتنا إلا مقبولا ، حتى نزل (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) فقلنا : ما هذا الذي يبطل أعمالنا؟ فقلنا : الكبائر الموجبات (٢) والفواحش ، حتى نزل (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) فكففنا عن القول في ذلك ، فكنا نخاف على من أصاب الكبائر ونرجو لمن لم يصبها (٣). وعن قتادة رحمه الله : رحم الله عبدا لم يحبط عمله الصالح بعمله السيئ. وقيل : لا تبطلوها بمعصيتهما. وعن ابن عباس رضى الله عنهما : لا تبطلوها بالرياء والسمعة ، وعنه : بالشك والنفاق : وقيل : بالعجب ، فإنّ العجب يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. وقيل : ولا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(٣٤)
(ثُمَّ ماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ) قيل ، هم أصحاب القليب ، والظاهر العموم.
(فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ)(٣٥)
(فَلا تَهِنُوا) ولا تضعفوا ولا تذلوا للعدوّ (وَ) لا (تَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ) وقرئ : السلم وهما المسالمة (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) أى الأغلبون الأقهرون (وَاللهُ مَعَكُمْ) أى ناصركم ، وعن قتادة : لا تكونوا أوّل الطائفتين ضرعت إلى صاحبتها بالموادعة. وقرئ : ولا تدّعوا ، من ادّعى القوم وتداعوا : إذا دعوا. نحو قولك : ارتموا الصيد وتراموه. وتدعوا : مجزوم لدخوله
__________________
(١) أخرجه محمد بن نصر المروزي في كتاب قدر الصلاة له. قال حدثنا أبو قدامة حدثنا وكيع حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس بهذا وزاد : فنزلت (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ) وفي الكتاب حديث مرفوع. أخرجه إسحاق وأبو يعلى وأبو نعيم في الحلية من حديث ابن مسعود. قال أبو نعيم : تفرد به يحيى بن يمان عن سفيان اه. ويحيى ضعيف. وفيه عن عمر أيضا أخرجه العقيلي. وابن عدى من رواية حجاج بن نصير عن منذر بن زياد وهما ضعيفان.
(٢) قوله «فقلنا الكبائر الموجبات» عبارة الخازن : الكبائر والفواحش. (ع)
(٣) أخرجه ابن مردويه. من طريق عبد الله بن المبارك عن بكير بن معروف. عن مقاتل بن حيان. عن نافع. عن ابن عمر بهذا. وأخرجه محمد بن نصر أيضا. من هذا الوجه.