مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلامُهُمْ بِهذا أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ (٣٢) أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ (٣٤) أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ (٣٥) أَمْ خَلَقُوا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧) أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ (٣٨) أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩) أَمْ تَسْئَلُهُمْ أَجْراً فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠) أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢) أَمْ لَهُمْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ سُبْحانَ اللهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٤٣)
وقرئ : يتربص به ريب المنون ، على البناء للمفعول. وريب المنون. ما يقلق النفوس ويشخص بها من حوادث الدهر. قال :
أمن المنون وريبه أتوجّع (١)
وقيل : المنون الموت ، وهو في الأصل فعول ، من منه إذا قطعه ، لأن الموت قطوع ، ولذلك سميت شعوب. قالوا : ننتظر به نوائب الزمان فيهلك كما هلك من قبله من الشعراء: زهير والنابغة (مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ) أتربص هلاككم كما تتربصون هلاكى (أَحْلامُهُمْ) عقولهم وألبابهم. ومنه قولهم : أحلام عاد. والمعنى : أتأمرهم أحلامهم بهذا التناقض في القول ، وهو قولهم : كاهن وشاعر ، مع قولهم مجنون. وكانت قريش يدعون أهل الأحلام والنهى (أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ) مجاوزون الحدّ في العناد مع ظهور الحق لهم. فإن قلت : ما معنى كون الأحلام آمرة؟ قلت :
__________________
(١) أمن المنون وريبه أتوجع |
|
والدهر ليس بمعتب من يجزع |
لأبى ذويب مطلع مرثية بنيه ، والاستفهام للإنكار. وريب المنون : ما يقلق النفوس ويدهشها من حوادث الدهر. والمنون : الموت ، كالمنية ، لأنه مقدر ، فهو من منى إذا قدر. وقوله «والدهر ... الخ» جملة حالية. ويقال : أعتبه ، إذا قبل عتابه وأزال شكواه ، فشبه الدهر بإنسان مسيء على طريق المكنية ، وإسناد الاعتاب تخييل. والجزع : شدة الحزن.