يوم الجمعة : يوم الفوج المجموع ، كقولهم : ضحكة ، للمضحوك منه. ويوم الجمعة ، بفتح الميم : يوم الوقت الجامع ، كقولهم : ضحكة ، ولعنة ، ولعبة ؛ ويوم الجمعة تثقيل للجمعة ، كما قيل : عسرة في عسر. وقرئ بهنّ جميعا. فإن قلت : من في قوله (مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ) ما هي؟ قلت : هي بيان لإذا وتفسير له. والنداء : الأذان. وقالوا : المراد به الأذان عند قعود الإمام على المنبر ، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذن واحد ، فكان إذا جلس على المنبر أذن على باب المسجد ، فإذا نزل أقام للصلاة (١) ، ثم كان أبو بكر وعمر رضى الله عنهما على ذلك ، حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد مؤذنا آخر ، فأمر بالتأذين الأوّل على داره التي تسمى زوراء ، فإذا جلس على المنبر : أذن المؤذن الثاني ، فإذا نزل أقام للصلاة ، فلم يعب ذلك عليه. وقيل : أول من سماها «جمعة» كعب بن لؤي ، وكان يقال لها : العروبة. وقيل : إنّ الأنصار قالوا : لليهود يوم يجتمعون فيه كل سبعة أيام ، وللنصارى مثل ذلك ، فهلموا نجعل لنا يوما نجتمع فيه فنذكر الله فيه ونصلى. فقالوا : يوم السبت لليهود ، ويوم الأحد للنصارى ، فاجعلوه يوم العروبة فاجتمعوا إلى سعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ ركعتين وذكرهم ، فسموه يوم الجمعة لاجتماعهم فيه ، فأنزل الله آية الجمعة ، فهي أوّل جمعة ، كانت في الإسلام (٢) وأما أوّل جمعة جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فهي : أنه لما قدم المدينة مهاجرا نزل قباء على بنى عمرو بن عوف ، وأقام بها يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس ، وأسس مسجدهم ، ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة في بنى سالم بن عوف في بطن واد لهم ، فخطب وصلى الجمعة (٣). وعن بعضهم : قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث : افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه ، فكذبهم في قوله (فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) وبأنهم أهل الكتاب والعرب لا كتاب لهم فشبههم بالحمار يحمل أسفارا ، وبالسبت وأنه ليس للمسلمين مثله فشرع الله لهم الجمعة. وعن النبي صلى الله عليه وسلم «خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه أدخل الجنة ، وفيه أهبط إلى الأرض ، وفيه تقوم الساعة ، وهو عند الله يوم المزيد. وعنه عليه السلام : «أتانى جبريل وفي كفه مرآة بيضاء وقال : هذه الجمعة يعرضها عليك ربك لتكون لك عيدا ولأمّتك من بعدك ، وهو سيد الأيام عندنا ، ونحن
__________________
(١) متفق عليه من حديث السائب بن يزيد بغير هذا السياق ، وليس فيه على باب المسجد.
(٢) أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين بهذا مطولا. وأخرجه الثعلبي من طريقه. وروى الطبراني من حديث كعب بن مالك نحوه باختصار.
(٣) أخرجه ابن إسحاق في المغازي عن محمد بن جعفر عن عروة بن عبد الرحمن بن عويم أخبرنى بعض قومي قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين. ذكر ذلك مطولا. ومن طريقه البيهقي في الدلائل. وذكره ابن هشام في مختصره عن ابن إسحاق بغير إسناد