إن مخففة من الثقيلة واللام علمها. وقرئ ، ليزلقونك بضم الياء وفتحها. وزلقه وأزلقه بمعنى : ويقال : زلق الرأس وأزلقه : حلقه : وقرئ : ليزهقونك ، من زهقت نفسه وأزهقها ، يعنى : أنهم من شدّة تحديقهم ونظرهم إليك شزرا بعيون العداوة والبغضاء ، يكادون يزلون قدمك أو يهلكونك ، من قولهم : نظر إلىّ نظرا يكاد يصرعني ، ويكاد يأكلنى ، أى : لو أمكنه بنظره الصرع أو الأكل لفعله. قال :
يتقارضون إذا التقوا في موطن |
|
نظرا يزلّ مواطئ الأقدام (١) |
وقيل : كانت العين في بنى أسد ، فكان الرجل منهم يتجوع ثلاثة أيام فلا يمر به شيء ، فيقول فيه : لم أر كاليوم مثله إلا عانه ، فأريد بعض العيانين على أن يقول في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ، فقال : لم أر كاليوم رجلا فعصمه الله. وعن الحسن : دواء الإصابة بالعين أن تقرأ هذه الآية (لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) أى القرآن لم يملكوا أنفسهم حسدا على ما أوتيت من النبوة (وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ) حيرة في أمره وتنفيرا عنه ، وإلا فقد علموا أنه أعقلهم. والمعنى : أنهم جننوه لأجل القرآن (وَما هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ) وموعظة (لِلْعالَمِينَ) فكيف يجنن من جاء بمثله. عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة القلم أعطاه الله ثواب الذين حسن الله أخلاقهم» (٢).
__________________
(١) يقول : إذا للتقوا في مجلس ـ وروى موطن ـ : يتقارضون ، أى : يقرض بعضهم بعضا بنظره إليه ، كأن أحدهم يعطى خصمه النظر ، والثاني يكافئه بنظره إليه حسدا وغيظا ، وإزلال مواطئ الأقدام : كناية عن الإهلاك ، لأن من زلت قدمه سقط على الأرض وربما هلك. أى : ينظر بعضهم بعضا نظر الحسود المغتاظ ، فتسبب عن ذلك زلل الأقدام عن مواطئها ، وإيقاع الازلال على مواضع الأقدام : مجاز عقلى ، لأنه محله ، وفيه مبالغة في زلل القدم.
(٢) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه عن أبى بن كعب.