أعراض الناس والغض (١) منهم ، واغتيابهم ، والطعن فيهم (٢) وبناء «فعلة» يدل على أنّ ذلك عادة منه قد ضرى بها. ونحوهما : اللعنة والضحكة. قال :
وإن أغيّب فأنت الهامز اللّمزه (٣)
وقرئ : ويل للهمزة اللمزة. وقرئ : ويل لكل همزة لمزة ، بسكون الميم : وهو المسخرة الذي يأتى بالأوابد (٤) والأضاحيك فيضحك منه ويشتم. وقيل : نزلت في الأخنس بن شريق وكانت عادته الغيبة والوقيعة. وقيل : في أمية بن خلف. وقيل : في الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغضه منه. ويجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ، ليتناول كل من باشر ذلك القبيح ، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه ، فإنّ ذلك أزجر له وأنكى فيه (الَّذِي) بدل من كل. أو نصب على الذم. وقرئ : جمع بالتشديد ، وهو مطابق لعدده. وقيل (عَدَّدَهُ) جعله عدة لحوادث الدهر. وقرئ : وعدده أى جمع المال وضبط عدده وأحصاه. أو جمع ماله وقومه الذين ينصرونه ، من قولك : فلان ذو عدد وعدد : إذا كان له عدد وافر من الأنصار وما يصلحهم. وقيل (وَعَدَّدَهُ) معناه : وعدّه على فك الإدغام ، نحو : ضننوا (أَخْلَدَهُ) وخلده بمعنى ، أى طوّل المال أمله ، ومناه الأمانى البعيدة ، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله يحسب أنّ المال تركه خالدا في الدنيا لا يموت. أو يعمل من تشييد البنيان الموثق بالصخر والآجر وغرس الأشجار وعمارة الأرض : عمل من يظن أن ماله أبقاه حيا. أو هو تعريض بالعمل الصالح. وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم ، فأما المال فما أخلد أحدا فيه. وروى أنه كان للأخنس أربعة آلاف دينار. وقيل : عشرة آلاف. وعن الحسن : أنه عاد موسرا
__________________
(١) قوله «أعراض الناس والغض منهم» في الصحاح : غض منه ، إذا وضعه ونقص من قدره. (ع)
(٢) قال محمود : «قال المراد بالهمزة المكثر من الطعن على الناس والقدح فيهم ... الخ» قال أحمد : وما أحسن مقابلة الهمزة اللمزة بالحطمة ، فانه لما وسمه بهذه السمة بصيغة أرشدت إلى أنها راسخة فيه ومتمكنة منه أتبع المبالغة بوعيده بالنار التي سماها بالحطمة لما يلقى فيها ، وسلك في تعيينها صيغة مبالغة على وزن الصيغة التي ضمنها الذنب ، حتى يحصل التعادل بين الذنب والجزاء ، فهذا الذي ضرى بالذنب جزاؤه هذه الحطمة التي هي ضارية بحطم كل ما يلقى إليها.
(٣) إذا لقيتك عن شحط تكاشرنى |
|
وإن تغيبت كنت الهامز اللمزة |
لزياد الأعجم. والشحط ـ بالفتح : البعد. وكثر عن أسنانه : أبداها في الضحك وغيره ، لكن اشتهر في لسان العرب في الأول. والهمز : الكسر. واللمز : الطعن. روى أن أعرابيا سئل : أتهمز الفأرة؟ فقال : نعم تهمزها الهرة ، أى : تأكلها ، والهامز هنا : المغتاب الغياب ، الذي يملأ فمه بما يخرم عرض غيره. والهمزة : من اعتاد ذلك. واللامز : الرامي لغيره بالمسبة. واللمزة : من اعتاد ذلك. يقول : إذا لقيتك على بعد المسافة بيننا تضاحكنى ، وإذا غبت عنك كنت المغتاب المكثر من الطعن في عرضي. وروى : وإن أغيب فأنت الهامز ، على البناء للمجهول.
(٤) قوله «الذي يأتى بالأوابد» في الصحاح : جاء فلان بآبدة ، أى : بداهية يبقى ذكرها على الأبد. (ع)