فقال : ما تقول في ألوف لم أفتد بها من لئيم ، ولا تفضلت على كريم؟ قال : ولكن لما ذا؟ قال : لنبوة الزمان ، وجفوة السلطان ، ونوائب الدهر ، ومخافة الفقر. قال : إذن تدعه لمن لا يحمدك ، وترد على من لا يعذرك (كَلَّا) ردع له عن حسبانه. وقرئ : لينبذان ، أى : هو وماله. ولينبذن ، بضم الذال ، أى : هو وأنصاره. ولينبذنه (فِي الْحُطَمَةِ) في النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها. ويقال للرجل الأكول : إنه الحطمة. وقرئ : الحاطمة ، يعنى أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم وتطلع على أفئدتهم ، وهي أوساط القلوب ، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ، ولا أشد تألما منه بأدنى أذى يمسه ، فكيف إذا اطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه. ويجوز أن يخص الأفئدة لأنها مواطن الكفر والعقائد الفاسدة والنيات الخبيثة. ومعنى اطلاع النار عليها : أنها تعلوها وتغلبها وتشتمل عليها. أو تطالع على سبيل المجاز معادن موجبها (مُؤْصَدَةٌ) مطبقا. قال :
تحنّ إلى أجبال مكّة ناقتي |
|
ومن دونها أبواب صنعاء مؤصدة (١) |
وقرئ : في عمد ، بضمتين. وعمد ، بسكون الميم. وعمد. بفتحتين. والمعنى : أنه يؤكد يأسهم من الخروج وتيقنهم بحبس الأبد ، فتؤصد عليهم الأبواب وتمدد على الأبواب العمد ، استيثاقا في استيثاق. ويجوز أن يكون المعنى : أنها عليهم مؤصدة ، موثقين في عمد ممدّدة مثل المقاطر (٢) التي تقطر فيها اللصوص. اللهم أجرنا من النار يا خير مستجار.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من قرأ سورة الهمزة أعطاه الله عشر حسنات بعدد من استهزا بمحمد وأصحابه» (٣).
__________________
(١) يقول : تحنّ ناقتي شوقا إلى أجبال مكة ، جمع جبلي ، كأسباب وسبب ، لأنها وطنها ، والحال أن أبواب صنعاء مدينة من اليمن ، مؤصدة : أى مغلقة أمامها ، والمراد : تحزنه وتشوقه إلى وطنه ، ونسبه الناقة مبالغة.
(٢) قوله «مثل المقاطر التي تقطر فيها» في الصحاح «المقطرة» : الفلق» وهي خشبة فيها خروق تدخل فيما أرجل المحبوسين. (ع)
(٣) أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.