فشخص هشام إلى السند ، فقتله وبعث برأسه إلى أبي جعفر (١).
قال عيسى : فرأيت رأسه قد بعث به أبو جعفر إلى المدينة ، وعليها الحسن بن زيد ، فجعلت الخطباء تخطب ، وتذكر المنصور ، وتثنى عليه ، والحسن بن زيد على المنبر ، ورأس الأشتر بين يديه ، وكان في خطبة شبيب بن شيبة يا أهل المدينة : ما مثلكم ومثل أمير المؤمنين إلّا كما قال الفرزدق (٢) :
ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها |
|
أم بلت (٣) حيث تناطح البحران |
فتكلم الحسن بن زيد فحض على الطاعة ، وقال : ما زال الله يكفي أمير المؤمنين من بغاه ، وناوأه وعاداه ، وعدل عن طاعته ، وابتغى سبيلا غير سبيله.
* * *
__________________
(١) في الطبري «فلما قتل محمد وإبراهيم انتهى خبر عبد الله الأشتر إلى المنصور فبلغ ذلك منه ... وكتب إلى عمر بن حفص بولايته على إفريقية ، وولى على السند هشام بن عمرو التغلبي ، وأمره أن يكاتب ذلك الملك ، فإن أطاعه وسلم إليه عبد الله بن محمد وإلّا حاربه ، ولما صار هشام إلى السند كره أخذ عبد الله ، وأقبل يرى الناس أنه يكاتب الملك ويرفق به ، فاتصلت الأخبار بأبي جعفر بذلك ، فجعل يكتب إليه يستحثه ، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السند ، فوجه إليهم أخاه سفنجا ، فخرج يجر الجيش وطريقه بجنبات ذلك الملك ، فبينا هو يسير إذا هو برهج قد ارتفع من موكب ، فظن أنه مقدمة للعدو الذي يقصده ، فوجه طلائعه ، فرجعت فقالت :
ليس هذا عدوك الذي تريد ، ولكن هذا عبد الله بن محمد الأشتر العلوي ركب متنزها يسير على شاطئ مهران ، فمضى يريده ، فقال له نصاحة : هذا ابن رسول الله ، وقد علمت أن أخاك تركه متعمدا مخافة أن يبوء بدمه ، ولم يقصدك ، وإنما خرج متنزها ، وخرجت تريد غيره ، فأعرض عنه فقال : ما كنت لأدع أحدا يحوزه ولا أدع أحدا يحظى بالتقرب إلى المنصور بأخذه وقتله ، وكان في عشرة فقصد قصده ، وذمر أصحابه فحمل عليه فقاتله عبد الله ، وقاتل أصحابه بين يديه حتى قتل وقتلوا جميعا ، فلم يفلت منهم مخبر ، وسقط بين القتلى فلم يشعر به ، وقيل إن أصحابه قذفوه في مهران لما قتل لئلا يؤخذ رأسه ، فكتب هشام ابن عمرو بذلك كتاب فتح إلى المنصور يخبره أنه قصده قصدا ، فكتب إليه المنصور يحمد أمره ، ويأمره بمحاربة الملك الذي آواه ، وذلك أن عبد الله كان اتخذ جواري وهو بحضرة ذلك الملك ، فأولد منهن واحدة محمد بن عبد الله ، وهو أبو الحسن محمد العلوي الذي يقال له : ابن الأشتر ، فحاربه حتى ظفر به وقتله ، ووجه بأم ولد عبد الله وابنه إلى المنصور ، فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة يخبره بصحة نسب الغلام ، وبعث به إليه ، وأمره أن يجمع آل أبي طالب ، وأن يقرأ عليهم كتابه بصحة نسب الغلام ويسلمه إلى أقربائه».
(٢) كذا في ط وق ، وفي الخطية «كما قال الأخطل» ولم أجده في ديوانه ، ووجدته في ديوان الفرزدق ص ٨٨٢.
(٣) كذا في الديوان ، وفي ط وق «أم نلت».