لما قتل محمد ، خرجنا بابنه الأشتر عبد الله بن محمد ، فأتينا الكوفة ، ثم انحدرنا إلى البصرة ، ثم خرجنا إلى السند ؛ فلما كان بيننا وبينها أيام نزلنا خانا فكتب فيه (١) :
منخرق الخفّين يشكو الوجى |
|
تنكبه أطراف مرو حداد (٢) |
شرّده الخوف فأزرى به |
|
كذاك من يكره حرّ الجلاد (٣) |
قد كان في الموت له راحة |
|
والموت حتم في رقاب العباد |
وكتب اسمه تحتها.
ثم دخلنا المنصورة فلم نجد شيئا ، فدخلنا قندهار (٤) ، فأحللته قلعة لا يرومها رائم ، ولا يطور بها طائر. وكان والله أفرس من رأيت من عباد الله ، ما إخال الرمح في يده إلّا قلما ، فنزلنا بين ظهراني قوم يتخلقون بأخلاق الجاهلية ، يطرد أحدهم الأرنب ، فتضيف قصر صاحبه ، فيمنعها ويقول : أتطلب جاري.
قال : فخرجت لبعض حاجتي ، وخلفني بعض تجار أهل العراق ، فقالوا له : قد بايع لك أهل المنصورة ، فلم يزالوا به حتى صار إليها.
فحدثت أن رجلا جاء إلى أبي جعفر فقال له : مررت بأرض السند فوجدت كتابا في قلعة من قلاعها ، فيه كذا وكذا ، فقال له : هو هو. ثم دعا هشام بن عمرو بن بسطام التغلبي (٥) ، فقال : اعلم أن الأشتر بأرض السند ، وقد وليتك عليها ، فانظر ما أنت صانع.
__________________
(١) الأبيات في ذيل الأمالي ١٤٢ لابن الأشعث ، وهي في الطبري ٩ / ١٩١ وابن الأثير ٥ / ٢١٠ وعيون الأخبار ١ / ٢٩١ والبيان والتبيين ١ / ٢٤٨ والعقد ٢ / ٣٣٠ وزهر الآداب ١ / ١١٧ وشرح مقصورة حازم ٢ / ١١٢ ومجموعة المعاني ١٠٠.
(٢) يروى «منخرق السربال» و «تنكبه» و «تنكسه» و «تنفقه» وفي ذيل الأمالي «أطراف صخر».
(٣) في ط وق «طرده الخوف».
(٤) قندهار بضم القاف ، وسكون النون ، وضم الدال كما في معجم البلدان ٧ / ١٦٧.
(٥) راجع الطبري ٩ / ٢٨٠.