يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته ، فوثب أصحابه عليه وقالوا : ما هذا؟ فشاتمهم ، وكان بعد ذلك كلما دخل موسى خرج يسلم عليه ويقوم له.
فقال موسى لمن قال ذلك القول : أيما كان خيرا ما أردتم أو ما أردت (١).
حدثني أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدثني محمد بن عبد الله المدائني قال :
حدثني أبي ، قال : حدثني بعض أصحابنا.
أن الرشيد لما حج لقيه موسى بن جعفر على بغلة (٢). فقال له الفضل بن الربيع : ما هذه الدابة التي تلقيت عليها أمير المؤمنين؟ فأنت إن طلبت عليها لم تدرك ، وإن طلبت لم تفت.
قال : إنها تطأطأت عن خيلاء الخيل ، وارتفعت عن ذلة العير ، وخير الأمور أوسطها.
(ذكر السبب في أخذه وحبسه)
حدثني (٣) بذلك أحمد بن عبيد الله بن عمار ، قال : حدثنا علي بن محمد النوفلي عن أبيه وحدثني أحمد بن سعيد ، قال : حدثني يحيى بن الحسن العلوي ، وحدثني غيرهما ببعض قصته ، فجمعت ذلك بعضه إلى بعض.
قالوا (٤) :
كان السبب في أخذ موسى بن جعفر أن الرشيد جعل ابنه محمدا في حجر جعفر بن محمد بن الأشعث (٥) ، فحسده يحيى بن خالد بن برمك على ذلك وقال :
إن أفضت الخلافة إليه زالت دولتي ودولة ولدي. فاحتال على جعفر بن محمد ، وكان يقول بالإمامة ، حتى داخله وأنس به ، وأسر إليه ، وكان يكثر غشيانه في منزله فيقف على أمره ويرفعه إلى الرشيد ويزيد عليه في ذلك بما يقدح في قلبه. ثم قال يوما لبعض ثقاته : أتعرفون لي رجلا من آل أبي طالب ليس بواسع الحال يعرفني ما أحتاج إليه من
__________________
(١) تاريخ بغداد ١٣ / ٢٨.
(٢) في زهر الآداب ١ / ١٣٢ «ولقى موسى بن جعفر محمد بن الرشيد وموسى على بغلة ...».
(٣) في ط وق «حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري قال : حدثنا أبو الفرج : علي بن الحسين الأصبهاني قال حدثني ...».
(٤) نقل هذا الخبر الشيخ المفيد في كتاب الإرشاد ص ٢٧٣.
(٥) في الخطية «... جعل ابنه في حجر محمد بن الأشعث».