أخبار موسى بن جعفر؟ فدلّ على علي بن إسماعيل بن جعفر بن محمد ، فحمل إليه يحيى ابن خالد البرمكي مالا. وكان موسى يأنس إليه ويصله وربما أفضى إليه بأسراره ، فلما طلب ليشخص به أحس موسى بذلك ، فدعاه فقال : إلى أين يابن أخي؟ قال : إلى بغداد قال: وما تصنع؟ قال : عليّ دين وأنا مملق. قال : فأنا أقضي دينك وأفعل بك واصنع ، فلم يلتفت إلى ذلك ، فعمل على الخروج ، فاستدعاه أبو الحسن موسى فقال له : أنت خارج؟ فقال له : نعم لا بد لي من ذلك فقال له : انظر يابن أخي واتق الله لا تؤتم أولادي! وأمر له بثلاثمائة دينار ، وأربعة آلاف درهم.
قالوا : فخرج علي بن اسماعيل حتى أتى يحيى بن خالد البرمكي ، فتعرّف منه خبر موسى بن جعفر ، فرفعه إلى الرشيد وزاد فيه ، ثم أوصله إلى الرشيد فسأله عن عمّه فسعى به إليه ، فعرف يحيى جميع خبره وزاد عليه وقال له : إن الأموال تحمل إليه من المشرق والمغرب ، وإن له بيوت أموال ، وإنه اشترى ضيعة بثلاثين ألف دينار فسماها اليسيرة ، وقال له صاحبها وقد أحضره المال : لا آخذ هذا النقد ولا آخذ إلّا نقدا كذا وكذا ، فأمر بذلك المال فرد وأعطاه ثلاثين ألف دينار من النقد الذي سأل بعينه ، فسمع ذلك منه الرشيد وأمر له بمائتي ألف درهم نسبت (١) له على بعض النواحي ، فاختار كور المشرق ، ومضت رسله لقبض المال. ودخل هو في بعض الأيام إلى الخلاء فزحر زحرة فخرجت حشوته كلها فسقطت ، وجهدوا في ردّها فلم يقدروا ، فوقع لما به ، وجاءه المال وهو ينزع فقال : وما أصنع به وأنا أموت؟!
وحج الرشيد في تلك السنة فبدأ بقبر النبي (ص) فقال : يا رسول الله إني أعتذر إليك من شيء أريد أن أفعله ، أريد أن أحبس موسى بن جعفر ؛ فإنه يريد التشتت بين أمتك وسفك دمائها.
ثم أمر به فأخذ من المسجد فأدخل إليه فقيده ، وأخرج من داره بغلان عليهما قبتان مغطاتان هو في إحداهما ، ووجه مع كل واحد منهما خيلا ، فأخذوا بواحدة على طريق البصرة ، والأخرى على طريق الكوفة ، ليعمى على الناس أمره ، وكان موسى في التي مضت إلى البصرة ، فأمر الرسول أن يسلّمه إلى عيسى بن جعفر بن المنصور ، وكان على البصرة حينئذ فمضى به ، فحبسه عنده سنة ، ثم كتب إلى الرشيد : أن خذه
__________________
(١) في ط وق «يسبب بها».