(لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) (٥٢)
____________________________________
أنه بحكم الله فتطمئن به نفوسهن وقرىء تقر بضم التاء ونصب أعينهن وتقر على البناء للمفعول وكلهن تأكيد لنون يرضين وقرىء بالنصب على أنه تأكيد لهن (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ) من الضمائر والخواطر فاجتهدوا فى إحسانها (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) مبالغا فى العلم فيعلم كل ما تبدونه وتخفونه (حَلِيماً) لا يعاجل بالعقوبة فلا تغتروا بتأخيرها فإنه إمهال لا إهمال (لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ) بالياء لأن تأنيث الجمع غير حقيقى ولوجود الفصل وقرىء بالتاء (مِنْ بَعْدُ) أى من بعد التسع وهو فى حقه كالأربع فى حقنا وقال ابن عباس وقتادة من بعد هؤلاء التسع اللاتى خيرتهن فاخترنك وقيل من بعد اختيارهن الله ورسوله ورضاهن بما تؤتيهن من الوصل والهجران (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ) أى تتبدل بحذف إحدى التاءين (بِهِنَّ) أى بهؤلاء التسع (مِنْ أَزْواجٍ) بأن تطلق واحدة منهن وتنكح مكانها أخرى ومن مزيدة لتأكيد الاستغراق* أراد الله تعالى لهن كرامة وجزاء على ما اخترن ورضين فقصر رسوله عليهن وهن التسع اللاتى توفى صلىاللهعليهوسلم عنهن وهن عائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة بنت أبى سفيان وسودة بنت زمعة وأم سلمة بنت أبى أمية وصفية بنت حيى الخيبرية وميمونة بنت الحرث الهلالية وزينب بنت جحش الأسدية وجويرية بنت الحرث المصطلقية وقال عكرمة المعنى لا يحل لك النساء من بعد الأجناس الأربعة اللاتى أحللناهن لك بالصفة التى تقدم ذكرها من الأعرابيات والغرائب أو من الكتابيات أو من الإماء بالنكاح ويأباه قوله تعالى (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَ) فإن معنى إحلال الأجناس المذكورة إحلال نكاحهن فلا بد أن يكون معنى التبدل بهن إحلال نكاح غيرهن بدل إحلال نكاحهن وذلك إنما يتصور بالنسخ الذى ليس من الوظائف البشرية (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ) أى حسن الأزواج المستبدلة* وهو حال من فاعل تبدل لا من مفعوله وهو من أزواج لنوغله فى التنكير قيل تقديره مفروضا أعجابك بهن وقد مر تحقيقه فى قوله تعالى (وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ) وقيل هى أسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبى طالب أى هى ممن أعجبه صلىاللهعليهوسلم حسنهن واختلف فى أن الآية محكمة أو منسوخة قيل بقوله تعالى (تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ) وقيل بقوله تعالى (إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ) وترتيب النزول ليس على ترتيب المصحف وقيل بالسنة وعن عائشة رضى الله عنها مامات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحل له النساء وقال أنس رضى الله عنه مات صلىاللهعليهوسلم على التحريم (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) استثناء من النساء لأنه يتناول الأزواج والإماء وقيل منقطع (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً) * حافظا مهيمنا فاحذروا مجاوزة حدوده وتخطى حلاله إلى حرامه.