(إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً (٥٤) لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ وَلا نِسائِهِنَّ وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً (٥٥) إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (٥٦)
____________________________________
عائشة رضى الله عنها فكره النبى ذلك فنزلت (ذلِكُمْ) أى ما ذكر من عدم الدخول بغير إذن وعدم* الاستئناس للحديث عند الدخول وسؤال المتاع من وراء حجاب (أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) أى أكثر تطهيرا من الخواطر الشيطانية (وَما كانَ لَكُمْ) أى وما صح وما استفام لكم (أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ) أى أن تفعلوا فى حياته فعلا يكرهه ويتأذى به (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً) أى من بعد وفاته أو فراقه (إِنَّ ذلِكُمْ) إشارة إلى ما ذكر من إيذائه صلىاللهعليهوسلم ونكاح أزواجه من بعده وما فيه من معنى البعد للإيذان ببعد منزلته فى الشر والفساد (كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً) أى أمرا عظيما وخطبا هائلا لا يقادر قدره* وفيه من تعظيمه تعالى لشأن رسوله صلىاللهعليهوسلم وإيجاب حرمته حيا وميتا مالا يخفى ولذلك بالغ تعالى فى الوعيد حيث قال (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) مما لا خير فيه كنكاحهن على ألسنتكم (أَوْ تُخْفُوهُ) فى صدوركم (فَإِنَّ اللهَ كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) فيجازيكم بما صدر عنكم من المعاصى البادية والخافية لا محالة وفى هذا التعميم مع البرهان على المقصود مزيد تهويل وتشديد ومبالغة فى الوعيد (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ وَلا أَبْنائِهِنَّ وَلا إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ إِخْوانِهِنَّ وَلا أَبْناءِ أَخَواتِهِنَّ) استئناف لبيان من لا يجب الاحتجاب عنهم روى أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله أو نكلمهن أيضا من وراء الحجاب فنزلت وإنما لم يذكر العم والخال لأنهما بمنزلة الوالدين ولذلك سمى العم أبا فى قوله تعالى (وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ) أو لأنه اكتفى عن ذكرهما بذكر أبناء الأخوة وأبناء الأخوات فإن مناط عدم لزوم الاحتجاب بينهن وبين الفريقين عين ما بينهن وبين العم والخال من العمومة والخؤولة لما أنهن عمات لأبناء الأخوة وخالات لأبناء الأخوات وقيل لأنه كره ترك الاحتجاب منهما مخافة أن يصفاهن لأبنائهما (وَلا نِسائِهِنَّ) أى نساء المؤمنات (وَلا ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ) من العبيد والإماء وقيل من الإماء خاصة وقد مر فى سورة النور (وَاتَّقِينَ اللهَ) فى كل ما تأتن وما تذرن لا سيما فيما أمرتن به ونهيتن عنه (إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) لا تخفى عليه خافية ولا تتفاوت فى علمه الأحوال (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ) وقرىء وملائكته بالرفع عطفا على محل إن واسمها عند الكوفيين وحملا على حذف الخبر ثقة بدلالة ما بعده عليه على رأى البصريين (يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) قيل الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار وقال ابن عباس رضى* الله عنهما أراد أن الله يرحمه والملائكة يدعون له وعنه أيضا يصلون يبركون وقال أبو العالية صلاة الله