(إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨)
____________________________________
تعالى عليه ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاتهم دعاؤهم له فينبغى أن يراد بها فى يصلون معنى يجازى عام يكون كل واحد من المعانى المذكورة فردا حقيقيا له أى يعتنون بما فيه خيره وصلاح أمره ويهتمون* بإظهار شرفه وتعظيم شأنه وذلك من الله سبحانه بالرحمة ومن الملائكة بالدعاء والاستغفار (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) اعتنوا أنتم أيضا بذلك فإنكم أولى به (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) قائلين اللهم صل على محمد وسلم أو نحو ذلك وقيل المراد بالتسليم انقياد أمره والآية دليل على وجوب الصلاة والسلام عليه مطلقا من غير تعرض لوجوب التكرار وعدمه وقيل يجب ذلك كلما جرى ذكره لقوله صلىاللهعليهوسلم رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على وقوله صلىاللهعليهوسلم من ذكرت عنده فلم يصل على فدخل النار فأبعده الله ويروى أنه صلىاللهعليهوسلم قال وكل الله تعالى بى ملكين فلا أذكر عند مسلم فيصلى على إلا قال ذانك الملكان غفر الله لك وقال الله تعالى (وَمَلائِكَتَهُ) جوابا لذينك الملكين آمين ولا أذكر عند مسلم فلا يصلى على إلا قال دانك ملكان لا غفر الله لك وقال الله تعالى (وَمَلائِكَتَهُ) جوابا لذينك الملكين آمين ومنهم من قال يجب فى كل مجلس مرة وإن تكرر ذكره صلىاللهعليهوسلم كما قيل فى آية السجدة وتشميت العاطس وكذلك فى كل دعاء فى أوله وآخره ومنهم من قال بالوجوب فى العمر مرة وكذا قال فى إظهار الشهادتين والذى يقتضيه الاحتياط ويستدعيه معرفة علو شأنه صلىاللهعليهوسلم أن يصلى عليه كلما جرى ذكره الرفيع وأما الصلاة عليه فى الصلاة بأن يقال اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد فليست بشرط فى جواز الصلاة عندنا وعن إبراهيم النخعى رحمة الله أن الصحابة كانوا يكتفون عن ذلك بما فى التشهد وهو السلام عليك أيها النبى وأما الشافعى رحمهالله فقد جعلها شرطا وأما الصلاة على غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فتجوز تبعا وتكره استقلالا لأنه فى العرف شعار ذكر الرسل ولذلك كره أن يقال محمد عزوجل مع كونه عزيزا جليلا (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ) أريد بالإيذاء إما فعل ما يكرهانه من الكفر والمعاصى مجازا لاستحالة حقيقة التأذى فى حقه تعالى وقيل فى إيذائه تعالى هو قول اليهود والنصارى والمشركين يد الله مغلولة وثالث ثلاثة والمسيح ابن الله والملائكة بنات الله والأصنام شركاؤه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا وقيل قول الذين يلحدون فى آياته وفى إيذاء الرسول صلىاللهعليهوسلم هو قولهم شاعر ساحر كاهن مجنون وقيل هو كسر رباعيته وشج وجهه الكريم يوم أحد وقيل طعنهم فى نكاح صفية والحق هو العموم فيهما وإما إيذاؤه صلىاللهعليهوسلم خاصة بطريق الحقيقة وذكر الله عزوجل لتعظيمه* والإيذان بجلالة مقداره عنده تعالى وإيذاؤه صلىاللهعليهوسلم إيذاء له سبحانه (لَعَنَهُمُ اللهُ) طردهم وأبعدهم من رحمته (فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ) بحيث لا يكادون ينالون فيهما شيئا منها (وَأَعَدَّ لَهُمْ) مع ذلك (عَذاباً مُهِيناً) يصيبهم فى الآخرة خاصة (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) يفعلون بهم ما يتأذون به من قول أو فعل وتقييده