(لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْناهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ) (١٦)
____________________________________
أينما صلى عليه الصلاة والسلام فلم يكن ينظر إليه شيطان فى صلاته إلا احترق فمر به يوما شيطان فنظر فإذا سليمان عليهالسلام قد خر ميتا ففتحوا عنه فإذا عصاه قد أكلها الأرضة فأرادوا أن يعرفوا وقت موته فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها فى يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وبقى فى ملكه أربعين سنة وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه (لَقَدْ كانَ لِسَبَإٍ) بيان لأخبار بعض الكافرين بنعم الله تعالى إثر بيان أحوال الشاكرين لها أى لأولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وقرىء بمنع الصرف على أنه اسم القبيلة وقرىء بقلب الهمزة ألفا ولعله إخراج لها بين بين (فِي مَسْكَنِهِمْ) وقرىء بكسر الكاف كالمسجد* وقرىء بلفظ الجمع أى مواضع سكناهم وهى باليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال (آيَةٌ) دالة بملاحظة أحوالها السابقة واللاحقة على وجود الصانع المختار القادر على كل ما يشاء من الأمور* البديعة المجازى للمحسن والمسىء معاضدة للبرهان السابق كما فى قصتى داود وسليمان عليهماالسلام (جَنَّتانِ) بدل من (آيَةٌ) أو خبر لمبتدأ محذوف أى هى جنتان وفيه معنى المدح ويؤيده قراءة النصب على المدح* والمراد بهما جماعتان من البساتين (عَنْ يَمِينٍ وَشِمالٍ) جماعة عن يمين بلدهم وجماعة عن شماله كل واحدة من تينك الجماعتين فى تقاربهما وتضامهما كأنهما جنة واحدة أو بستانا كل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله (كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ) حكاية لما قيل لهم على لسان نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها أو لما نطق به لسان الحال أو بيان لكونهم أحقاء بأن يقال لهم ذلك (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) * استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به أى بلدتكم بلدة طيبة وربكم الذى رزقكم ما فيها من الطيبات وطلب منكم الشكر رب غفور لفرطات من يشكره وقرىء الكل بالنصب على المدح قيل كان أطيب البلاد هواء وأحصبها وكانت المرأة تخرج وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىء المكتل مما يتساقط فيه من الثمار ولم يكن فيه من مؤذيات الهوام شىء (فَأَعْرَضُوا) عن الشكر بعد إبانة الآيات الداعية لهم إليه قيل أرسل الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فدعوهم إلى الله تعالى وذكروهم بنعمه وأنذروهم عقابه فكذبوهم (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ) أى سيل الأمر العرم أى الصعب من عرم الرجل فهو عارم وعرم إذا شرس خلقه وصعب أو المطر الشديد وقيل العرم جمع عرمة وهى الحجارة المركومة وقيل هو السكر الذى يحبس الماء وقيل هو اسم للبناء الذى يجعل سدا وقيل هو البناء الرصين الذى بنته الملكة بلقيس بين الجبلين بالصخر والقار وحقنت به ماء العيون والأمطار وتركت فيه خروقا على ما يحتاجون إليه فى