(فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) (١٤)
____________________________________
* وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما (وَجِفانٍ) جمع جفنة وهى الصفحة (كَالْجَوابِ) كالحياض الكبار جمع جابية من الجباية لاجتماع الماء فيها وهى من الصفات الغالبة كالدابة وقرىء بإثبات الياء قيل كان يقعد على* الجفنة ألف رجل (وَقُدُورٍ راسِياتٍ) ثابتات على الأثافى لا تنزل عنها لعظمها (اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً) حكاية لما قيل لهم وشكرا نصب على أنه مفعول له أو مصدر لا عملوا لأن العمل للمنعم شكر له أو لفعله* المحذوف أى اشكروا شكرا أو حال أى شاكرين أو مفعول به أى اعملوا شكرا (وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) أى المتوفر على أداء الشكر بقلبه ولسانه وجوارحه أكثر أوقاته ومع ذلك لا يوفى حقه لأن التوفيق للشكر نعمة تستدعى شكرا آخر لا إلى نهاية ولذلك قيل الشكور من يرى عجزه عن الشكر وروى أنه عليه الصلاة والسلام جزأ ساعات الليل والنهار على أهله فلم تكن تأتى ساعة من الساعات إلا وإنسان من آل داود قائم يصلى (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ) أى على سليمان عليهالسلام (ما دَلَّهُمْ) أى الجن أو آله (عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) أى الأرضة أضيفت إلى فعلها وقرىء بفتح الراء وهو تأثر الخشبة من فعلها يقال أرضت الأرضة الخشبة أرضا فأرضت أرضا مثل أكلت القوارح أسنانه أكلا فأكلت أكلا (تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ) أى عصاه من نسأت البعير إذا طردته لأنها يطرد بها ما يطرد وقرىء منساته بألف ساكنة بدلا من الهمزة وبهمزة ساكنة وبإخراجها بين بين عند الوقف ومنساءته على مفعالة كميضاءة فى ميضأة ومن ساته أى من طرف عصاه من سأة القوس وفيه لغتان كما فى قحة بالكسر والفتح وقرىء أكلت منساته (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ) من تبينت الشىء إذا علمته بعد التباسه عليك أى* علمت الجن علما بينا بعد التباس الأمر عليهم (أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ) أى أنهم لو كانوا يعلمون الغيب كما يزعمون لعلموا موته عليه الصلاة والسلام حينما وقع فلم يلبثوا بعده حولا فى تسخيره إلى أن خر أو من تبين الشىء إذا ظهر وتجلى أى ظهرت الجن وأن مع ما فى حيزها بدل اشتمال من الجن أى ظهر أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب الخ وقرىء تبينت الجن على البناء للمفعول على أن المتبين فى الحقيقة هو أن مع ما فى حيزها لأنه بدل وقرىء تبينت الإنس والضمير فى كانوا للجن فى قوله تعالى (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ) وفى قراءة ابن مسعود رضى الله عنه تبينت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب روى أن داود عليهالسلام أسس بنيان بيت المقدس فى موضع فسطاط موسى فتوفى قبل تمامه فوصى به إلى سليمان عليهماالسلام فاستعمل فيه الجن والشياطين فباشروه حتى إذا حان أجله وعلم به سأل ربه أن يعمى عليهم موته حتى يفرغوا منه ولتبطل دعواهم علم الغيب فدعاهم فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس له باب فقام يصلى متكئا على عصاه فقبض روحه وهو متكىء عليها فبقى كذلك وهم فيما أمروا به من الأعمال حتى أكلت الأرضة عصاه فخر ميتا وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه