(وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ (١٢) يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ) (١٣)
____________________________________
صورة آدمى فسأله على عادته فقال نعم الرجل لو لا خصلة فيه فريع داود فسأله عنها فقال لو لا أنه يطعم عياله من بيت المال فعند ذلك سأل ربه أن يسبب له ما يستغنى به عن بيت المال فعلمه تعالى صنعة الدروع وقيل كان يبيع الدروع بأربعة آلاف فينفق منها على نفسه وعياله ويتصدق على الفقراء (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) * السرد نسج الدروع أى اقتصد فى نسجها بحيث تتناسب حلقها وقيل قدر فى مساميرها فلا تعملها دقاقا ولا غلاظا ورد بأن دروعه عليه الصلاة والسلام لم تكن مسمرة كما ينبىء عنه إلانة الحديد وقيل معنى قدر فى السرد لا تصرف جميع أوقاتك إليه بل مقدار ما يحصل به القوت وأما الباقى فاصرفه إلى العبادة وهو الأنسب بقوله تعالى (وَاعْمَلُوا صالِحاً) عمم الخطاب حسب عموم التكليف له عليه الصلاة والسلام* ولأهله (إِنِّي بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) تعليل للأمر أو لوجوب الامتثال به (وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ) أى وسخرنا له الريح وقرىء برفع الريح أى ولسليمان الريح مسخرة وقرىء الرياح (غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ) أى جريها بالغداة مسيرة شهر وجريها بالعشى كذلك والجملة إما مستأنفة أو حال من الريح وقرىء غدوتها وروحتها وعن الحسن رحمهالله كان يغدو أى من دمشق فيقيل باصطخر ثم بروح فيكون رواحه بكا بل وقيل كان يتغدى بالرى ويتعشى بسمرقند ويحكى أن بعضهم رأى مكتوبا فى منزل بناحية دجلة كتبه بعض أصحاب سليمان عليهالسلام نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه غدونا من اصطخر فقلناه ونحن رائحون منه فبايتون بالشأم إن شاء الله تعالى (وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ) أى النحاس المذاب أساله من معدنه كما ألان الحديد* لداود عليهماالسلام فنبع منه نبوع الماء من الينبوع ولذلك سمى عينا وكان ذلك باليمن وقيل كان يسيل فى الشهر ثلاثة أيام وقوله تعالى (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ) إما جملة من مبتدأ وخبر أو من يعمل* عطف على الريح ومن الجن حال متقدمة (بِإِذْنِ رَبِّهِ) بأمره تعالى كما ينبىء عنه قوله تعالى (وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا) أى ومن يعدل منهم عما أمرناه به من طاعة سليمان وقرىء يزغ على البناء للمفعول من أزاغه (نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ) أى عذاب النار فى الآخرة روى عن السدى رحمهالله كان معه ملك بيده سوط من نار كل من استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجنى (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ) تفصيل لما ذكر من عملهم وقوله تعالى (مِنْ مَحارِيبَ) الخ بيان لما يشاء أى من قصور حصينة ومساكن شريفة سميت بذلك لأنها يذب عنها ويحارب عليها وقيل هى المساجد (وَتَماثِيلَ) وصور الملائكة والأنبياء عليهم الصلاة والسلام على* ما اعتادوه فإنها كانت تعمل حينئذ فى المساجد ليراها الناس ويعبدوا مثل عباداتهم وحرمة التصاوير شرع جديد وروى أنهم عملوا أسدين فى أسفل كرسيه ونسرين فوقه فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان ذراعيهما