(قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ (٢٥) قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ (٢٦) قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكاءَ كَلاَّ بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٢٧) وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٢٩) قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) (٣٠)
____________________________________
عليها والضال كأنه منغمس فى ظلام لا يرى شيئا أو محبوس فى مطمورة لا يستطيع الخروج منها (قُلْ لا تُسْئَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنا وَلا نُسْئَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ) وهذا أبلغ فى الإنصاف وأبعد من الجدل والاعتساف حيث أسند فيه الإجرام وإن أريد به الزلة وترك الأولى إلى أنفسهم ومطلق العمل إلى المخاطبين مع أن أعمالهم أكبر الكبائر (قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا) يوم القيامة عند الحشر والحساب (ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا بِالْحَقِّ) أى يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار (وَهُوَ الْفَتَّاحُ) الحاكم الفيصل فى القضايا المنغلقة (الْعَلِيمُ) بما ينبغى أن يقضى به (قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ) أى ألحقتموهم (بِهِ شُرَكاءَ) أريد بأمرهم بإراءة الأصنام مع كونها بمرأى منه صلىاللهعليهوسلم إظهار خطئهم العظيم وإطلاعهم على بطلان رأيهم أى أرونيها لأنظر بأى صفة ألحقتموها بالله الذى ليس كمثله شىء فى استحقاق العبادة وفيه مزيد تبكيت لهم بعد إلزام الحجة عليهم (كَلَّا) ردع لهم عن المشاركة بعد إبطال المقايسة (بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أى الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فأين شركاؤكم التى هى أخس الأشياء وأذلها من هذه الرتبة العالية والضمير إما لله عز وعلا أو للشأن كما فى قل هو الله أحد (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ) أى إلا إرسالة عامة لهم فإنها إذا عمتهم فقد كفتهم أن يخرج منها أحد منهم أو إلا جامعا لهم فى الإبلاغ فهى حال من الكاف والتاء للمبالغة ولا سبيل إلى جعلها حالا من الناس لاستحالة تقدم الحال على صاحبها المجرور (بَشِيراً وَنَذِيراً وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ذلك فيحملهم جهلهم على ما هم عليه من الغى والضلال (وَيَقُولُونَ) من فرط جهلهم وغاية غيهم (مَتى هذَا الْوَعْدُ) بطريق الاستهزاء يعنون به المبشر به والمنذر عنه أو الموعود بقوله تعالى (يَجْمَعُ بَيْنَنا رَبُّنا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنا) (إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) مخاطبين لرسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين به (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ) أى وعد يوم أو زمان وعد والإضافة للتبيين وقرىء ميعاد يوم منونين على البدل ويوما بإضمار أعنى للتعظيم (لا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ) عند مفاجأته (ساعَةً وَلا تَسْتَقْدِمُونَ) صفة لميعاد وفى هذا الجواب من المبالغة فى التهديد ما لا يخفى حيث جعل الاستئخار فى الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وقد مر بيانه مرارا ويجوز أن يكون نفى الاستئجار والاستقدام غير مقيد بالمفاجأة فيكون وصف الميعاد بذلك لتحقيقه