(وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا فَلا فَوْتَ وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ (٥١) وَقالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٢) وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ (٥٣) وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) (٥٤)
____________________________________
قَرِيبٌ) يعلم قول كل من المهتدى والضال وفعله وإن بالغ فى إخفائهما (وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا) عند الموت أو البعث أو يوم بدر وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن ثمانين ألفا يغزون الكعبة ليخربوها فإذا دخلوا* البيداء خسف بهم وجواب لو محذوف أى لرأيت أمرا هائلا (فَلا فَوْتَ) فلا يفوتون الله عزوجل* يهرب أو تحصن (وَأُخِذُوا مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ) من ظهر الأرض أو من الموقف إلى النار أو من صحراء بدر إلى قليبها أو من تحت أقدامهم إذا خسف بهم والجملة معطوفة على فزعوا وقيل على لا فوت على معنى إذ فزعوا فلم يفوتوا وأخذوا ويؤيده أنه قرىء وأخذ بالعطف على محله أى فلا فوت هنا وهناك أخذ (وَقالُوا آمَنَّا بِهِ) أى بمحمد صلىاللهعليهوسلم وقد مر ذكره فى قوله تعالى (ما بِصاحِبِكُمْ (وَأَنَّى لَهُمُ التَّناوُشُ) التناوش التناول السهل أى ومن أين لهم أن يتناولوا الإيمان تناولا سهلا (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) فإنه فى حيز التكليف وهم منه بمعزل بعيد وهو تمثيل حالهم فى الاستخلاص بالإيمان بعد مافات عنهم وبعد بحال من يريد أن يتناول الشىء من غلوة تناوله من ذراع فى الاستحالة وقرىء بالهمز على قلب الواو لضمها وهو من نأشت الشىء إذا طلبته وعن أبى عمرو التناؤش بالهمز التناول من بعد من قولهم نأشت إذا أبطأت وتأخرت ومنه قول من قال[تمنى نئيشا أن يكون أطاعنى * وقد حدثت بعد الأمور أمور] (وَقَدْ كَفَرُوا بِهِ) أى بمحمد صلىاللهعليهوسلم أو بالعذاب الشديد الذى أنذرهم إياه (مِنْ قَبْلُ) أى من قبل ذلك فى أوان التكليف (وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ) ويرجمون بالظن ويتكلمون بما لم يظهر لهم فى حق الرسول صلىاللهعليهوسلم من المطاعن أو فى العذاب المذكور* من بت القول بنفيه (مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ) من جهة بعيدة من حاله صلىاللهعليهوسلم حيث ينسبونه صلىاللهعليهوسلم إلى الشعر والسحر والكذب وإن أبعد شىء مما جاء به الشعر والسحر وأبعد شىء من عادته المعروفة فيما بين الدانى والقاصى الكذب ولعله تمثيل لحالهم فى ذلك بحال من يرمى شيئا لا يراه من مكان بعيد لا مجال للوهم فى لحوقه وقرىء ويقذفون على أن الشيطان يلقى إليهم ويلقنهم ذلك وهو معطوف على قد كفروا به على حكاية الحال الماضية أو على قالوا فيكون تمثيلا لحالهم بحال القاذف فى تحصيل ما ضيعوه من الإيمان فى الدنيا (وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ) من نفع الإيمان والنجاة من النار وقرىء بإشمام الضم للحاء (كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ) أى بأشباههم* من كفرة الأمم الدارجة (إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ) أى موقع فى الريبة أو ذى ريبة والأول منقول ممن يصح أن يكون مريبا من الأعيان إلى المعنى والثانى من صاحب الشك إلى الشك كما يقال شعر شاعر والله أعلم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم من قرأ سورة سبأ لم يبق رسول ولا نبى إلا كان له يوم القيامة رفيقا ومصافحا.