(قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (٤٧) قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (٤٨) قُلْ جاءَ الْحَقُّ وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ (٤٩) قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ) (٥٠)
____________________________________
تَتَفَكَّرُوا) فى أمره صلىاللهعليهوسلم وما جاء به لتعلموا حقيقته وحقيته وقوله تعالى (ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ) استئناف* مسوق من جهته تعالى للتنبيه على طريقة النظر والتأمل بأن مثل هذا الأمر العظيم الذى تحته ملك الدنيا والآخرة لا يتصدى لا دعائه إلا مجنون لا يبالى بافتضاحه عند مطالبته بالبرهان وظهور عجزه أو مؤيد من عند الله مرشح للنبوة واثق بحجته وبرهانه وإذ قد علمتم أنه صلىاللهعليهوسلم أرجح العالمين عقلا وأصدقهم قولا وأنزههم نفسا وأفضلهم علما وأحسنهم عملا وأجمعهم للكمالات البشرية وجب أن تصدقوه فى دعواه فكيف وقد انضم إلى ذلك معجزات تخر لها صم الجبال ويجوز أن يتعلق بما قبله على معنى ثم تتفكروا فتعلموا ما بصاحبكم من جنة وقد جوز أن تكون ما استفهامية على معنى ثم تتفكروا أى شىء به من آثار الجنون (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ) هو عذاب الآخرة فإنه صلىاللهعليهوسلم مبعوث فى نسم الساعة (قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ) أى أى شىء سألتكم من أجر على الرسالة (فَهُوَ لَكُمْ) والمراد نفى السؤال رأسا كقول من قال لمن لم يعطه شيئا إن أعطيتنى شيئا فخذه وقيل ما موصولة أريد بها ما سألهم بقوله تعالى (ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) وقوله تعالى (لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) واتخاذ السبيل إليه تعالى منفعتهم الكبرى وقرباه صلىاللهعليهوسلم قرباهم (إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) مطلع يعلم صدقى وخلوص نيتى وقرىء إن أجرى بسكون الياء (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ) أى يلقيه وينزله على من يجتبيه من عباده أو يرمى به الباطل فيدمغه أو يرمى به فى أقطار الآفاق فيكون وعدا بإظهار الإسلام وإعلاء كلمة الحق (عَلَّامُ الْغُيُوبِ) صفة محمولة على محل إن واسمها أو بدل من المستكن فى يقذف أو خبر ثان لإن أو خبر مبتدأ محذوف وقرىء بالنصب صفة لربى أو مقدرا بأعنى وقرىء بكسر الغين وبالفتح كصبور مبالغة غائب (قُلْ جاءَ الْحَقُّ) أى الإسلام والتوحيد (وَما يُبْدِئُ الْباطِلُ وَما يُعِيدُ) أى زهق الشرك بحيث لم يبق أثره أصلا مأخوذ من هلاك الحى فإنه إذا هلك لم يبق له إبداء ولا إعادة فجعل مثلا فى الهلاك بالمرة ومنه قول عبيد[أقفر من أهله عبيد * فليس يبدى ولا يعيد] وقيل الباطل إبليس أو الصنم والمعنى لا ينشىء خلقا ولا يعيد أو لا يبدىء خيرا لأهله ولا يعيد وقيل ما استفهامية منصوبة بما بعدها (قُلْ إِنْ ضَلَلْتُ) عن الطريق الحق (فَإِنَّما أَضِلُّ عَلى نَفْسِي) فإن وبال ضلالى عليها لأنه بسببها إذهى الجاهلة بالذات والأمارة بالسوء وبهذا الاعتبار قوبل الشرطية بقوله تعالى (وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِما يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي) لأن الاهتداء بهدايته وتوفيقه وقرىء ربى بفتح الياء (إِنَّهُ سَمِيعٌ