(وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ) (١١)
____________________________________
والمستكن فى يرفعه للكلم فإن مدار قبول العمل هو التوحيد ويؤيده القراءة بنصب العمل أو للعمل فإنه يحقق الإيمان ويقويه ولا ينال الدرجات العالية إلا به وقرىء يصعد من الإصعاد على البناءين والمصعد هو الله سبحانه أو المتكلم به أو الملك وقيل الكلم الطيب يتناول الذكر والدعاء والاستغفار وقراءة القرآن وعنه صلىاللهعليهوسلم أنه سبحان الله والحمد لله ولا إلا إلا الله والله أكبر إذا قالها العبد عرج بها الملك إلى السماء فحيا بها وجه الرحمن فإذا لم يكن عمل صالحا لم تقبل وعن ابن مسعود رضى الله عنه ما من عبد مسلم يقول خمس كلمات سبحان والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وتبارك الله إلا أخذهن ملك فجعلهن تحت جناحه ثم صعد بهن فما يمر بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن حتى يحيى بهن وجه رب العالمين ومصداقه قوله عز* وجل (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ) الخ (وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) بيان لحال الكلم الخبيث والعمل السيىء وأهلهما بعد بيان حال الكلم الطيب والعمل الصالح وانتصاب السيئات على أنها صفة للمصدر المحذوف أى يمكرون المكرات السيئات وهى مكرات قريش بالنبى صلىاللهعليهوسلم فى دار الندوة وتداورهم الرأى فى إحدى* الثلاث التى هى الإثبات والقتل والإخراج (لَهُمْ) بسبب مكراتهم (عَذابٌ شَدِيدٌ) لا يقادر قدره ولا يؤبه* عنده لما يمكرون (وَمَكْرُ أُولئِكَ) وضع اسم الإشارة موضع ضميرهم للإيذان بكمال تميزهم بما هم فيه من الشر والفساد عن سائر المفسدين واشتهارهم بذلك وما فيه من معنى البعد للتنبيه على ترامى أمرهم فى الطغيان* وبعد منزلتهم فى العدوان أى ومكر أولئك المفسدين الذين أرادوا أن يمكروا به صلىاللهعليهوسلم (هُوَ يَبُورُ) أى هو يهلك ويفسد خاصة لا من مكروا به ولقد أبارهم الله تعالى بعد إبارة مكراتهم حيث أخرجهم من مكة وقتلهم وأثبتهم فى قليب بدر فجمع عليهم مكراتهم الثلاث التى اكتفوا فى حقه صلىاللهعليهوسلم بواحدة منهن (وَاللهُ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) دليل آخر على صحة البعث والنشور أى خلقكم ابتداء منه فى ضمن خلق آدم عليهالسلام* خلقا إجماليا كما مر فى تحقيقه مرارا (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ) أى ثم خلقكم منها خلقا تفصيليا (ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْواجاً) أى أصنافا أو ذكرانا وإناثا وعن قتادة جعل بعضكم زوجا لبعض (وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ) إلا ملتبسة بعلمه تابعة لمشيئته (وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ) أى من أحد وإنما سمى معمرا باعتبار مصيره* أى وما يمد فى عمر أحد (وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ) أى من عمر أحد على طريقة قولهم لا يثيب الله عبدا ولا يعاقبه إلا بحق لكن لا على معنى لا ينقص عمره بعد كونه زائدا بل على معنى لا يجعل من الابتداء ناقصا وقيل الزيادة والنقص فى عمر واحد باعتبار أسباب مختلفة أثبتت فى اللوح مثل أن يكتب فيه إن حج فلان فعمره ستون وإلا فأربعون وإليه أشار صلىاللهعليهوسلم بقوله الصدقة والصلة تعمران الديار وتزيدان فى الأعمار وقيل المراد بالنقص ما يمر من عمره وينقص فإنه يكتب فى الصحيفة عمره كذا وكذا سنة ثم يكتب تحت ذلك ذهب يوم ذهب يومان وهكذا حتى يأتى على آخره وقرىء ولا ينقص على البناء للفاعل ومن عمره