(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ (١٨) وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ (١٩) وَلا الظُّلُماتُ وَلا النُّورُ (٢٠) وَلا الظِّلُّ وَلا الْحَرُورُ (٢١) وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلا الْأَمْواتُ إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) (٢٢)
____________________________________
(وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ) أى لا تحمل نفس آثمة (وِزْرَ أُخْرى) إثم نفس أخرى بل إنما تحمل كل منهما وزرها وأماما فى قوله تعالى وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم من حمل المضلين أثقالا غير أثقالهم فهو حمل أثقال إضلالهم مع أثقال ضلالهم وكلاهما أوزارهم ليس فيها من أوزار غيرهم شىء (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ) * أى نفس أثقلها الأوزار (إِلى حِمْلِها) لحمل بعض أوزارها (لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) لم تجب بحمل شىء منه (وَلَوْ كانَ) أى المدعو المفهوم من الدعوة (ذا قُرْبى) ذا قرابة من الداعى وقرىء ذو قربى وهذا نفى للحمل اختيارا والأول نفى له جبارا (إِنَّما تُنْذِرُ) استئناف مسوق لبيان من يتعظ بما ذكر أى إنما تنذر بهذه الإنذارات (الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) أى يخشونه تعالى غائبين عن عذابه أو عن الناس فى خلواتهم أو يخشون عذابه وهو غائب عنهم (وَأَقامُوا الصَّلاةَ) أى راعوها كما ينبغى وجعلوها منارا منصوبا وعلما مرفوعا أى إنما ينفع إنذارك وتحذيرك هؤلاء من قومك دون من عداهم من أهل التمرد والعناد (وَمَنْ تَزَكَّى) أن تطهر من أوضار الأوزار والمعاصى بالتأثر من هذه الإنذارات (فَإِنَّما يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ) لاقتصار نفعه عليها كما أن من تدنس بها لا يتدنس إلا عليها وقرىء من أزكى فإنما يزكى وهو اعتراض مقرر لخشيتهم وإقامتهم الصلاة لأنها من معظم مبادى التزكى (وَإِلَى اللهِ الْمَصِيرُ) لا إلى أحد غيره استقلالا أو اشتراكا فيجازيهم على تزكيهم أحسن الجزاء (وَما يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ) أى الكافر والمؤمن (وَلَا الظُّلُماتُ وَلَا النُّورُ) أى ولا الباطل ولا الحق وجمع الظلمات مع إفراد النور لتعدد فنون الباطل واتحاد الحق (وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ) أى ولا الثواب ولا العقاب وإدخال لا على المتقابلين لتذكير نفى الاستواء وتوسيطها بينهما للتأكيد والحرور فعول من الحر غلب على السموم وقيل السموم ما يهب نهارا والحرور ما يهب ليلا (وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ) تمثيل آخر للمؤمنين والكافرين