(وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (٢٨) إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) (٢٩)
____________________________________
على ظهره وقرىء جدد بالضم جمع جديدة بمعنى الجدة وجدد بفتحتين وهو الطريق الواضح (بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُها) بالشدة والضعف (وَغَرابِيبُ سُودٌ) عطف على بيض أو على جدد كأنه قيل ومن* الجبال مخطط ذو جدد ومنها ما هو على لون واحد غرابيب وهو تأكيد لمضمر يفسره ما بعده فإن الغربيب تأكيد للأسواد كالفاقع للأصفر والقانى للأحمر ومن حق التأكيد أن يتبع المؤكد ونظيره فى الصفة قول النابغة [والمؤمن العائذات الطير يمسحها] وفى مثله مزيد تأكيد لما فيه من التكرار باعتبار الإضمار والإظهار (وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) أى ومنهم بعض مختلف ألوانه أو وبعضهم مختلف ألوانه على ما مر فى قوله تعالى (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) وإيراد الجملتين اسميتين مع مشاركتهما لما قبلهما من الجملة الفعلية فى الاستشهاد بمضمونهما على تباين الناس فى الأحوال الباطنة لما أن اختلاف الجبال والناس والدواب والأنعام فيما ذكر من الألوان أمر مستمر فعبر عنه بما يدل على الاستمرار وأما إخراج الثمرات المختلفة فحيث كان أمرا حادثا عبر عنه بما يدل على الحدوث ثم لما كان فيه نوع خفاء علق به الرؤية بطريق الاستفهام التقريرى المنبىء عن الحمل عليها والترغيب فيها بخلاف أحوال الجبال والناس وغيرهما فإنها مشاهدة غنية عن التأمل فلذلك جردت عن التعليق بالرؤية فتدبر وقوله تعالى (كَذلِكَ) مصدر تشبيهى لقوله تعالى (مُخْتَلِفٌ) أى صفة لمصدره المؤكد تقديره مختلف اختلافا كائنا كذلك* أى كاختلاف الثمار والجبال وقرىء ألوانا وقرىء والدواب بالتخفيف مبالغة فى الهرب من التقاء الساكنين وقوله تعالى (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) تكملة لقوله تعالى (إِنَّما تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ) بتعيين من يخشاه عزوجل من الناس بعد بيان اختلاف طبقاتهم وتباين مراتبهم أما فى الأوصاف المعنوية فبطريق التمثيل وأما فى الأوصاف الصورية فبطريق التصريح توفية لكل واحدة منهما حقها اللائق بها من البيان أى إنما يخشاه تعالى بالغيب العالمون به عزوجل وبما يليق به من صفاته الجليلة وأفعاله الجميلة لما أن مدار الخشية معرفة المخشى والعلم بشئونه فمن كان أعلم به تعالى كان أخشى منه عزوجل كما قال صلىاللهعليهوسلم أنا أخشاكم لله وأتقاكم له ولذلك عقب بذكر أفعاله الدالة على كمال قدرته وحيث كان الكفرة بمعزل من هذه المعرفة امتنع إنذارهم بالكلية وتقديم المفعول لأن المقصود حصر الفاعلية ولو أخر انعكس الأمر وقرىء برفع الاسم الجليلة ونصب العلماء على أن الخشية مستعارة للتعظيم فإن المعظم يكون مهيبا (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ) تعليل لوجوب الخشية لدلالته على أنه معاقب للمصر على طغيانه غفور للنائب عن عصيانه (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتابَ اللهِ) أى يداومون على قراءته أو متابعة ما فيه حتى