(لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ (٣٠) وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) (٣٢)
____________________________________
صارت سمة لهم وعنوانا والمراد بكتاب الله تعالى القرآن وقيل جنس كتب الله فيكون ثناء على المصدقين من الأمم بعد اقتصاص حال المكذبين منهم وليس بذاك فإن صيغة المضارع منادية باستمرار مشروعية تلاوته والعمل بما فيه واستتباعهما لما سيأتى من توفية الأجور وزيادة الفضل وحملها على حكاية الحال الماضية مع كونه تعسفا ظاهرا مما لا سبيل إليه كيف لا والمقصود الترغيب فى دين الإسلام والعمل بالقرآن الناسخ لما بين يديه من الكتب فالتعرض لبيان حقيتها قبل انتساخها والإشباع فى ذكر استتباعها لما ذكر من الفوائد العظيمة مما يورث الرغبة فى تلاوتها والإقبال على العمل بها وتخصيص التلاوة بما لم ينسخ منها باطل قطعا لما أن الباقى مشروعا ليس إلا حكمها لكن لا من حيث إنه حكمها بل من حيث إنه* حكم القرآن وأما تلاوتها فبمعزل من المشروعية واستتباع الأجر بالمرة فتدبر (وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً) كيفما اتفق من غير قصد إليهما وقيل السر فى المسنونة والعلانية فى المفروضة* (يَرْجُونَ تِجارَةً) تحصيل ثواب بالطاعة وهو خبر إن وقوله تعالى (لَنْ تَبُورَ) أى لن تكسد ولن تهك بالخسران أصلا صفة لتجارة جىء بها للدلالة على أنها ليست كسائر التجارات الدائرة بين الربح والخسران لأنه اشتراء باق بفان والإخبار برجائهم من أكرم الأكرمين عدة قطعية بحصول مرجوهم وقوله تعالى (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) متعلق بلن تبور على معنى أنه ينتفى عنها الكساد وتنفق عند الله تعالى ليوفيهم أجور أعمالهم (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) على ذلك من خزائن رحمته ما يشاء وقيل بمضمر دل عليه ما عد من* أفعالهم المرضية أى فعلوا ذلك ليوفيهم الخ وقيل بيرجون على أن اللام للعاقبة (إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) تعليل لما قبله من التوفية والزيادة أى غفور لفرطاتهم شكور لطاعاتهم أى مجازيهم عليها وقيل هو خبر إن الذين ويرجون حال من واو أنفقوا (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ) وهو القرآن ومن للتبيين أو الجنس ومن للتبعيض وقيل اللوح ومن للابتداء (هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أى أحقه مصدقا لما تقدمه من الكتب السماوية حال مؤكدة لأن حقيته تستلزم موافقته إياه فى العقائد وأصول الأحكام (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ) محيط ببواطن أمورهم وظواهرها فلو كان فى أحوالك ما ينافى النبوة لم يوح إليك مثل هذا الحق المعجز الذى هو عيار على سائر الكتب وتقديم الخبير للتنبيه على أن العمدة هى الأمور الروحانية (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ) أى قضينا بتوريثه منك أو نورثه والتعبير عنه بالماضى لتقرره