(الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ (٣٥) وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ (٣٦) وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ) (٣٧)
____________________________________
زوال النعم والظاهر أنه الجنس المنتظم لجميع أحزان الدين والدنيا وقرىء الحزن وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة فى قبورهم ولا فى محشرهم ولا فى مسيرهم وكأنى بأهل لا إله إلا الله يخرجون من قبورهم ينفضون التراب عن وجوههم ويقولون الحمد لله الذى أذهب عنا الحزن (إِنَّ رَبَّنا لَغَفُورٌ) أى للمذنبين (شَكُورٌ) للمطيعين (الَّذِي أَحَلَّنا دارَ الْمُقامَةِ) أى دار الإقامة التى لا انتقال عنها أبدا (مِنْ فَضْلِهِ) من إنعامه وتفضله من غير أن يوجبه شىء من قبلنا (لا يَمَسُّنا فِيها نَصَبٌ) تعب (وَلا يَمَسُّنا فِيها لُغُوبٌ) كلال والفرق بينهما أن النصب نفس المشقة والكلفة واللغوب ما يحدث منه من الفتور والتصريح بنفى الثانى مع استلزام نفى الأول له وتكرير الفعل المنفى للمبالغة فى بيان انتفاء كل منهما (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ) لا يحكم عليهم بموت ثان (فَيَمُوتُوا) ويستريحوا ونصبه بإضمار أن وقرىء فيموتون عطفا على يقضى كقوله تعالى (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها) بل كلما خبت زيد إسعارها (كَذلِكَ) أى مثل ذلك الجزاء الفظيع (نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) مبالغ فى الكفر أو الكفران لا جزاء أخف وأدنى منه وقرىء يجزى على البناء للمفعول وإسناده إلى الكل وقرىء يجازى (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها) يستغيثون والاصطراخ افتعال من الصراخ استعمل فى الاستغاثة لجهد المستغيث صوته (رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ) بإضمار القول وتقييد العمل الصالح بالوصف المذكور للتحسر على ما عملوه من غير الصالح والاعتراف به والإشعار بأن استخراجهم لتلافيه وأنهم كانوا يحسبونه صالحا والآن تبين خلافه وقوله تعالى (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ) جواب من جهته تعالى وتوبيخ لهم والهمزة للإنكار والنفى والواو للعطف على مقدر يقتضيه المقام وما نكرة موصوفة أى ألم نمهلكم أو ألم نؤخركم ولم نعمركم عمرا يتذكر فيه من تذكر أى يتمكن فيه المتذكر من التذكر والتفكر قيل هو أربعون سنة وعن ابن عباس رضى الله عنهما ستون سنة وروى ذلك عن على رضى الله عنه وهو العمر الذى أعذر الله فيه إلى ابن آدم قال صلىاللهعليهوسلم أعذر الله إلى امرىء أخر أجله حتى بلغ ستين سنة وقوله تعالى (وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ) عطف على الجملة الاستفهامية لأنها فى معنى قد عمرناكم كما فى قوله تعالى (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا) الخ لأنه فى معنى قد شرحنا الخ والمراد بالنذير رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو ما معه من القرآن وقيل العقل وقيل الشيب وقيل موت الأقارب والاقتصار على ذكر النذير لأنه الذى