(عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ فَهُمْ غافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٧)
____________________________________
استشهاد به على تحقق مضمون الجملة القسمية وتقوية لثبوته فيكون شاهدا به ودليلا عليه قطعا وقوله تعالى (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) خبر آخر لإن أو حال من المستكن فى الجار والمجرور على أنه عبارة عن الشريعة الشريفة بكمالها لا عن التوحيد فقط وفائدته بيان أن شريعته صلىاللهعليهوسلم أقوم الشرائع وأعدلها كما يعرب عنه التنكير التفخيمى والوصف إثر بيان أنه صلىاللهعليهوسلم من جملة المرسلين بالشرائع (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) نصب على المدح وقرىء بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف وبالجر على أنه بدل من القرآن وأيا ما كان فهو مصدر بمعنى المفعول عبر به عن القرآن بيانا لكمال عراقته فى كونه منزلا من عند الله عزوجل كأنه نفس التنزيل وإظهارا لفخامته الإضافية بعد بيان فخامته الذاتية بوصفه بالحكمة وفى تخصيص الاسمين الكريمين المعربين عن الغلبة التامة والرأفة العامة حث على الإيمان به ترهيبا وترغيبا وإشعار بأن تنزيله ناشىء عن غاية الرحمة حسبما نطق به قوله تعالى (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) وقيل النصب على أنه مصدر مؤكد لفعله المضمر أى نزل تنزيل العزيز الرحيم على أنه استئناف مسوق لبيان ما ذكر من فخامة شأن القرآن وعلى كل تقدير ففيه فضل تأكيد لمضمون الجملة القسمية (لِتُنْذِرَ) متعلق بتنزيل على الوجوه الأول وبعامله المضمر على الوجه الآخير أى لتنذر به كما فى صدر الأعراف وقيل هو متعلق بما يدل عليه لمن المرسلين أى إنك مرسل لتنذر (قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) أى لم ينذر آباؤهم الأقربون لتطاول مدة الفترة على أن ما نافية فتكون صفة مبينة لغاية احتياجهم إلى الإنذار أو الذى أنذره أو شيئا أنذره آباؤهم الأبعدون على أنها موصولة أو موصوفة فيكون مفعولا ثانيا لتنذر أو إنذار آبائهم الأقدمين على أنها مصدرية فيكون نعتا لمصدر مؤكد أى لتنذر إنذار كائنا مثل إنذارهم (فَهُمْ غافِلُونَ) على الوجه الأول متعلق بنفى الإنذار مترتب عليه والضمير للفريقين أى لم تنذر آباؤهم فهم جميعا لأجله غافلون وعلى الوجوه الباقية متعلق بقوله تعالى (لِتُنْذِرَ) أو بما يفيده (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ) وارد لتعليل إنذاره صلىاللهعليهوسلم أو إرساله بغفلتهم المحوجة إليهما على أن الضمير للقوم خاصة فالمعنى فهم غافلون عنه أى عما أنذر آباؤهم الأقدمون لامتداد المدة واللام فى قوله تعالى (لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ) جواب القسم أى والله لقد ثبت وتحقق عليهم البتة لكن لا بطريق الجبر من غير أن يكون من قبلهم ما يقتضيه بل بسبب إصرارهم الاختيارى على الكفر والإنكار وعدم تأثرهم من التذكير والإنذار وغلوهم فى العتو والطغيان وتماديهم فى اتباع خطوات الشيطان بحيث لا يلويهم صارف ولا يثنيهم عاطف كيف لا والمراد بما حق من القول قوله