(هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) (٥٧)
____________________________________
والبهجة أو كمال المساءة والغم والمراد ههنا هو الأول وما فيه من التنكير والإبهام للإيذان بارتفاعه عن رتبة البيان والمراد به ما هم فيه من فنون الملاذ التى تلهيهم عما عداها بالكلية وأما أن المراد به افتصاض الأبكار أو السماع وضرب الأوتار أو النزاور أو ضيافة الله تعالى أو شغلهم عما فيه أهل النار على الإطلاق أو شغلهم عن أهاليهم فى النار لا يهمهم أمرهم ولا يبالون بهم كيلا يدخل عليهم تنغيص فى نعيمهم كما روى كل واحد منها عن واحد من أكابر السلف فليس مرادهم بذلك حصر شغلهم فيما ذكروه فقط بل بيان أنه من جملة أشغالهم وتخصيص كل منهم كلا من تلك الأمور بالذكر محمول على اقتضاء مقام البيان إياه وهو مع جاره خبر لإن وفاكهون خبر آخر لها أى أنهم مستقرون فى شغل وأى شغل فى شغل عظيم الشأن متنعمون بنعيم مقيم فائزون بملك كبير والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها بتنزيل المترقب المتوقع منزلة الواقع للإيذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ولزيادة مساءة المخاطبين بذلك وقرىء فى شغل بسكون الغين وفى شغل بفتحتين وبفتحة وسكون والكل لغات وقرىء فكهون للمبالغة وفكهون بضم الكاف وهى لغة كنطس وفاكهين وفكهين على الحال من المستكن فى الظرف وقوله تعالى (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلهما بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة على أن هم مبتدأ وأزواجهم عطف عليه ومتكئون خبر والجاران صلتان له قدمتا عليه لمراعاة الفواصل أو هو والجاران بما تعلقا به من الاستقرار أخبار مترتبة وقيل الخبر هو الظرف الأول والثانى مستأنف على أنه متعلق بمتكئون وهو خبر لمبتدأ محذوف وقيل على أنه خبر مقدم ومتكئون مبتدأ مؤخر وقرىء متكين بلا همز نصبا على الحال من المستكن فى الظرفين أو أحدهما وقيل هم تأكيد للمستكن فى خبر إن ومتكئون خبر آخر لها وعلى الأرائك متعلق به وكذا فى ظلال أو هذا بمضمر هو حال من المعطوفين والظلال جمع ظن كشعاب جمع شعب أو جمع ظلة كقباب جمع قبة ويؤيده قراءة فى ظلل والأرائك جمع أريكة وهى السرير المزين بالثياب والستور قال ثعلب لا تكون أريكة حتى تكون عليها حجلة وقوله تعالى (لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ) الخ بيان لما يتمتعون به فى الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان مالهم فيها من مجالس الإنس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة أى لهم فيها فاكهة كثيرة من كل نوع من الفواكه وما فى قوله تعالى (وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) موصولة أو موصوفة عبر بها عن مدعو عظيم الشأن معين* أو مبهم إيذانا بأنه الحقيق بالدعاء دون ما عداه ثم صرح به روما لزيادة التقرير بالتحقيق بعد التشويق كما ستعرفه أو هى باقية على عمومها قصد بها التعميم بعد تخصيص بعض المواد المعتادة بالذكر وأياما كان فهو مبتدأ ولهم خبره والجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا