(وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (٧) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ (٩) إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ) (١٠)
____________________________________
تقدير إضافتها إلى الفاعل بأن زانت الكواكب إياها وأصله بزينة الكواكب وعلى تقدير إضافتها إلى المفعول بأن زان الله الكواكب وحسنها وأصله بزينة الكواكب والمراد هو التزيين فى رأى العين فإن جميع الكواكب من الثوابت والسيارات تبدو للناظرين كأنها جواهر متلألئة فى سطح سماء الدنيا بصور بديعة وأشكال رائعة ولا يقدح فى ذلك ارتكاز الثوابت فى الفلك الثامن وما عدا القمر فى الستة المتوسطة إن ثبت ذلك (وَحِفْظاً) منصوب إما بعطفه على زينة باعتبار المعنى كأنه قيل إنا خلقنا الكواكب ٧ زينة للسماء وحفظا (مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ) أى خارج عن الطاعة برمى الشهب وإما بإضمار فعله وإما بتقدير فعل مؤخر معلل به كأنه قيل وحفظا من كل شيطان مارد زيناها بالكواكب كقوله تعالى (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ) وقوله تعالى (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) كلام مبتدأ مسوق لبيان حالهم بعد بيان حفظ السماء عنهم مع التنبيه على كيفية الحفظ وما يعتريهم فى أثناء ذلك من العذاب ولا سبيل إلى جعله صفة لكل شيطان ولا جوابا عن سؤال مقدر لعدم استقامة المعنى ولا علة للحفظ على أن يكون الأصل لئلا يسمعوا فحذفت اللام كما حذفت من قولك جئتك أن تكرمنى فبقى أن لا يسمعوا ثم يحذف أن ويهدر عملها كما فى قول من قال [ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى] لما أن كل واحد من ذينك الحذفين غير منكر بانفراده فأما اجتماعهما فمن أنكر المنكرات التى يجب تنزيه ساحة التنزيل الجليل عن أمثالها وأصل يسمعون يتسمعون والملأ الأعلى الملائكة وعن ابن عباس رضى الله عنهما هم الكتبة وعنه أشراف الملائكة عليهم الصلاة والسلام أى لا يتطلبون السماع والإصغاء إليهم وقرىء يسمعون بالتخفيف (وَيُقْذَفُونَ) يرمون (مِنْ كُلِّ جانِبٍ) من جميع جوانب السماء إذا قصدوا الصعود إليها (دُحُوراً) علة للقذف أى للدحور أو حال بمعنى مدحورين أو مصدر مؤكد له لأنهما من واد واحد وقرىء دحورا بفتح الدال أى قذفا دحورا مبالغا فى الطرد وقد جوز أن يكون مصدرا كالقبول والولوع (وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ) أى ولهم فى الآخرة غير ما فى الدنيا من عذاب الرجم بالشهب عذاب شديد دائم غير منقطع كقوله تعالى (وَأَعْتَدْنا لَهُمْ عَذابَ السَّعِيرِ) (إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ) استثناء من واو يسمعون ومن بدل منه والخطف الاختلاس والمراد اختلاس كلام الملائكة مسارقة كما يعرب عنه تعريف الخطفة وقرىء بكسر الخاء والطاء المشددة وبفتح الخاء وكسر الطاء