(عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ (٤٤) يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (٤٥) بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (٤٦) لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ (٤٧) وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ (٤٨) كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (٤٩) فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) (٥٠)
____________________________________
وقوله تعالى (عَلى سُرُرٍ) محتمل للحالية والخبرية فقوله تعالى (مُتَقابِلِينَ) حال من المستكن فيه أو فى مكرمون وقوله تعالى (يُطافُ عَلَيْهِمْ) إما استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية تكامن مجالس أنسهم أو حال من الضمير فى متقابلين أو فى أحد الجارين وقد جوز كونه صفة لمكرمون (بِكَأْسٍ) بإناء فيه خمر أو بخمر فإن الكأس تطلق على نفس الخمر كما فى قول من قال[وكأس شربت على لذة * وأخرى تدوايت منهابها] (مِنْ مَعِينٍ) متعلق بمضمر هو صفة لكأس أى كائنة من شراب معين أو من نهر معين وهو الجارى على وجه الأرض الظاهر للعيون أو الخارج من العيون من عان الماء إذا نبع وصف به الخمر وهو للماء لأنها تجرى فى الجنة فى أنهار كما يجرى الماء قال تعالى (وَأَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ) (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) صفتان أيضا لكأس ووصفها بلذة إما للمبالغة كأنها نفس اللذة أو لأنها تأنيث اللذ بمعنى اللذيذ ووزنه فعل قال[ولذ كطعم الصر خدى تركته * بأرض العدا من خيفة الحدثان] يريد به النوم (لا فِيها غَوْلٌ) أى غائلة كما فى خمور الدنيا من غاله إذا أفسده وأهلكه ومنه الغول (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) يسكرون من نزف الشارب فهو نزيف ومنزوف إذا ذهب عقله ويقال للمطعون نزف فمات إذا خرج دمه كله أفرد هذا بالنفى مع اندراجه فيما قبله من نفى الغول عنها لما أنه من معظم مفاسد الخمر كأنه جنس برأسه والمعنى لا فيها نوع من أنواع الفساد من مغص أو صداع أو خمار أو عربدة أو لغو أو تأثيم ولا هم يسكرون وقرىء ينزفون بكسر الزاى من أنزف الشارب إذا نفد عقله أو شرابه وقرىء ينزفون بضم الزاى من نزف ينزف بضم الزاى فيهما (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ) قصرن أبصارهن على أزواجهن لا يمددن طرفا إلى غيرهم (عِينٌ) نجل العيون جمع عيناء والنجل سعة العين (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) شبهن ببيض النعام المصون من الغبار ونحوه فى الصفاء والبياض المخلوط بأدنى صفرة فإن ذلك أحسن ألوان الأبدان (فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) معطوف على يطاف أى يشربون فيتحادثون على الشراب كما هو عادة الشرب قال [وما